وَعُقِدَ النِّكَاحُ بِظَاهِرِ نَيْسَابُورَ، وَكَانَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ، وَنِظَامُ الْمُلْكِ الْوَكِيلَ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فِي الْعَقْدِ، وَكَانَ النِّثَارُ جَوَاهِرَ، وَعَادَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ إِلَى مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ بِبِلَادِ فَارِسَ، فَلَقِيَهُ بِأَصْبَهَانَ، فَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْخِلَعَ، فَلَبِسَهَا وَسَارَ إِلَى وَالِدِهِ، وَعَادَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَمَّارٍ طَرَابُلُسَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَجَبٍ، تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَبُو طَالِبِ بْنُ عَمَّارٍ، قَاضِي طَرَابُلُسَ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَاسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ فِيهَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَامَ مَكَانَهُ ابْنُ أَخِيهِ جَلَالُ الْمُلْكِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَمَّارٍ، فَضَبَطَ الْبَلَدَ أَحْسَنَ ضَبْطٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِفَقْدِ عَمِّهِ أَثَرٌ لِكِفَايَتِهِ.
ذِكْرُ مُلْكِ السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ قَلْعَةَ فَضْلُونَ بِفَارِسَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ السُّلْطَانُ أَلْب أَرْسَلَانَ وَزِيرَهُ نِظَامَ الْمُلْكِ فِي عَسْكَرٍ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ، وَكَانَ بِهَا حِصْنٌ مِنْ أَمْنَعِ الْحُصُونِ وَالْمَعَاقِلِ، وَفِيهِ صَاحِبُهُ فَضْلُونُ، وَهُوَ لَا يُعْطِي الطَّاعَةَ، فَنَازَلَهُ وَحَصَرَهُ، وَدَعَاهُ إِلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ فَامْتَنَعَ، فَقَاتَلَهُ فَلَمْ يَبْلُغْ بِقِتَالِهِ غَرَضًا لِعُلُوِّ الْحِصْنِ وَارْتِفَاعِهِ، فَلَمْ يَطُلْ مُقَامُهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى نَادَى أَهْلُ الْقَلْعَةِ الْأَمَانَ لِيُسَلِّمُوا الْحِصْنَ إِلَيْهِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ جَمِيعَ الْآبَارِ الَّتِي بِالْقَلْعَةِ غَارَتْ مِيَاهُهَا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَادَتْهُمْ ضَرُورَةُ الْعَطَشِ إِلَى التَّسْلِيمِ، فَلَمَّا طَلَبُوا الْأَمَانَ أَمَّنَهُمْ نِظَامُ الْمُلْكِ، وَتَسَلَّمَ