464 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ وِلَايَةَ سَعْدِ الدَّوْلَةِ كُوهَرَائِينَ شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَاذَ.
فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَرَدَ إِيتِكِينُ السُّلَيْمَانِيُّ شِحْنَةَ بَغْدَاذَ مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَقَصَدَ دَارَ الْخِلَافَةِ، وَسَأَلَ الْعَفْوَ عَنْهُ، وَأَقَامَ أَيَّامًا، فَلَمْ يُجَبْ إِلَى ذَلِكَ.
وَكَانَ سَبَبُ غَضَبِ الْخَلِيفَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ ابْنَهُ عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَجَعَلَ شِحْنَةً بِبَغْدَادَ، فَقَتَلَ أَحَدَ الْمَمَالِيكِ الدَّارِيَّةِ، فَأَنْفَذَ قَمِيصَهُ مِنَ الدِّيوَانِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَوَقَعَ الْخِطَابُ فِي عَزْلِهِ.
وَكَانَ نِظَامُ الْمُلْكِ يُعْنَى بِالسُّلَيْمَانِيِّ، فَأَضَافَ إِلَى إِقْطَاعِهِ تِكْرِيتَ، فَكُوتِبَ وَالِيهَا، مِنْ دِيوَانِ الْخِلَافَةِ، بِالتَّوَقُّفِ عَنْ تَسْلِيمِهَا، فَلَمَّا رَأَى نِظَامُ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانُ إِصْرَارَ الْخَلِيفَةِ عَلَى الِاسْتِقَالَةِ مِنْ وِلَايَتِهِ شِحْنَكِيَّةِ بَغْدَاذَ، سَيَّرَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُوهَرَائِينُ إِلَى بَغْدَاذَ شِحْنَةً، وَعَزَلَ السُّلَيْمَانِيَّ عَنْهَا، اتِّبَاعًا لِمَا أَمَرَ بِهِ الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلَمَّا وَرَدَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ خَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهِ، وَجَلَسَ لَهُ الْخَلِيفَةُ.
ذِكْرُ تَزْوِيجِ وَلِيِّ الْعَهْدِ بِابْنَةِ السُّلْطَانِ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ الْإِمَامُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَمِيدَ الدَّوْلَةِ بْنَ جَهِيرٍ، وَمَعَهُ الْخِلَعُ لِلسُّلْطَانِ وَلِوَلَدِهِ مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ أَرْسَلَ يَطْلُبُ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يَأْذَنَ فِي أَنْ يَجْعَلَ وَلَدَهُ مَلِكْشَاهْ وَلِيَّ عَهْدِهِ، فَأَذِنَ، وَسُيِّرَتْ لَهُ الْخِلَعُ مَعَ عَمِيدِ الدَّوْلَةِ، وَأَمَرَ عَمِيدَ الدَّوْلَةِ أَنْ يَخْطُبَ ابْنَةَ السُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ مِنْ سَفَرِي خَاتُونَ لِوَلِيِّ الْعَهْدِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَ السُّلْطَانِ خَطَبَ ابْنَتَهُ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ.