قَتَلَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ وَسَدَّ رَأْسَهَا، وَقِيلَ: بَلَى أُلْقِيَ فِي بِئْرٍ حَيًّا وَسُدَّ رَأْسُهَا فَمَاتَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَمَّا مَاتَ كَتَبَ مُحَمَّدٌ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ مَوْدُودٍ وَهُوَ بِخُرَاسَانَ يَقُولُ: إِنَّ وَالِدَكَ قُتِلَ قِصَاصًا، قَتَلَهُ أَوْلَادُ أَحْمَدَ يَنَّالَ تِكِينَ بِلَا رِضًا مِنِّي. فَأَجَابَ مَوْدُودٌ يَقُولُ: أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ الْأِيرِ الْعَمِّ، وَرَزَقَ وَلَدَهُ الْمَعْتُوهَ أَحْمَدَ عَقْلًا يَعِيشُ بِهِ، فَقَدْ رَكِبَ أَمْرًا عَظِيمًا، وَأَقْدَمَ عَلَى إِرَاقَةِ دَمِ مَلِكٍ مِثْلِ وَالِدِي الَّذِي لَقَّبَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَيِّدَ الْمُلُوكِ وَالسَّلَاطِينِ، وَسَتَعْلَمُونَ فِي أَيِّ حَتْفٍ تَوَرَّطْتُمْ، وَأَيِّ شَرٍّ تَأَبَّطْتُمْ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ عَلَيْنَا، وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا
وَطَمِعَ جُنْدُ مُحَمَّدٍ فِيهِ، وَزَالَتْ عَنْهُمْ هَيْبَتُهُ، فَمَدُّوا أَيْدِيَهُمْ إِلَى أَمْوَالِ الرَّعَايَا فَنَهَبُوهَا، فَخَرِبَتِ الْبِلَادُ وَجَلَا أَهْلُهَا، لَاسِيَّمَا مَدِينَةُ بَرْشَاوُورَ، فَإِنَّهَا هَلَكَ أَهْلُهَا، وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَكَانَ الْمَمْلُوكُ بِهَا يُبَاعُ بِدِينَارٍ، وَتُبَاعُ الْخَمْرُ كُلُّ مَنًا بِدِينَارٍ، ثُمَّ رَحَلَ مُحَمَّدٌ عَنْهَا لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ رَجَبٍ، وَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَكَانَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ شُجَاعًا كَرِيمًا، ذَا فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ، مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ، كَثِيرَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالتَّقَرُّبِ لَهُمْ، صَنَّفُوا لَهُ التَّصَانِيفَ الْكَثِيرَةَ فِي فُنُونِ الْعُلُومِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ، تَصَدَّقَ مَرَّةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَكْثَرَ الْإِدْرَارَاتِ وَالصِّلَاتِ، وَعَمَرَ كَثِيرًا مِنَ الْمَسَاجِدِ فِي مَمَالِكِهِ، وَكَانَتْ صَنَائِعُهُ ظَاهِرَةً مَشْهُورَةً تَسِيرُ بِهَا الرُّكْبَانُ، مَعَ عِفَّةٍ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُ، وَأَجَازَ الشُّعَرَاءَ بِجَوَائِزَ عَظِيمَةٍ، أَعْطَى شَامِرًا عَلَى قَصِيدَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأَعْطَى آخَرَ بِكُلِّ بَيْتٍ أَلْفَ