مَلِكُ التُّرْكِ وَقَدَّمَهُ، وَلَقَّبَهُ سُبَاشِيَ، وَمَعْنَاهُ قَائِدُ الْجَيْشِ، وَكَانَتِ امْرَأَةُ الْمَلِكِ تُخَوِّفُهُ مِنْ سَلْجُوقَ لِمَا تَرَى مِنْ تَقَدُّمِهِ، وَطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ، وَالِانْقِيَادِ إِلَيْهِ، وَأَغْرَتْهُ بِقَتْلِهِ وَبَالَغَتْ فِي ذَلِكَ.
وَسَمِعَ سَلْجُوقُ الْخَبَرَ، فَسَارَ بِجَمَاعَتِهِ كُلِّهِمْ وَمَنْ يُطِيعُهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دِيَارِ الْإِسْلَامِ، وَسَعِدَ بِالْإِيمَانِ وَمُجَاوَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَازْدَادَ حَالُهُ عُلُوًّا، (وَإِمْرَةً، وَطَاعَةً) ، وَأَقَامَ بِنَوَاحِي جَنَدَ، وَأَدَامَ غَزْوَ كُفَّارِ التُّرْكِ، وَكَانَ مَلِكُهُمْ يَأْخُذُ الْخَرَاجَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ، وَطَرَدَ سَلْجُوقُ عُمَّالَهُ مِنْهَا، وَصَفَتْ لِلْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ مُلُوكِ السَّامَانِيَّةِ كَانَ هَارُونُ بْنُ أَيْلَكِ الْخَانُ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى بَعْضِ أَطْرَافِ بِلَادِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى سَلْجُوقَ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِابْنِهِ أَرْسِلَانَ فِي جَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَوِيَ بِهِمُ السَّامَانِيُّ عَلَى هَارُونَ، وَاسْتَرَدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ، وَعَادَ أَرْسِلَانُ إِلَى أَبِيهِ.
وَكَانَ لِسَلْجُوقَ مِنَ الْأَوْلَادِ: أَرْسِلَانُ، وَمِيكَائِيلُ، وَمُوسَى، وَتُوُفِّيَ سَلْجُوقُ بِجَنَدَ، وَكَانَ عُمُرُهُ مِائَةَ سَنَةٍ وَسَبْعَ سِنِينَ، وَدُفِنَ هُنَاكَ، وَبَقِيَ أَوْلَادُهُ، فَغَزَا مِيكَائِيلُ بَعْضَ بِلَادِ الْكُفَّارِالْأَتْرَاكِ، فَقَاتَلَ وَبَاشَرَ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ، فَاسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَخَلَفَ مِنَ الْأَوْلَادِ: بَيْغُو، وَطُغْرُلْبَك مُحَمَّدًا، وَجَغْرِي بِكْ دَاوُدَ، فَأَطَاعَهُمْ عَشَائِرُهُمْ، وَوَقَفُوا عِنْدَ أَمْرِهِمْ وَنَهْيِمْ، وَنَزَلُوا بِالْقُرْبِ مِنْ بُخَارَى عَلَى عِشْرِينَ فَرْسَخًا مِنْهَا، فَخَافَهُمْ أَمِيرُ بُخَارَى فَأَسَاءَ جِوَارَهُمْ، وَأَرَادَ إِهْلَاكَهُمْ وَالْإِيقَاعَ بِهِمْ، فَالْتَجَئُوا إِلَى بُغْرَاخَانْ مَلِكِ تُرْكِسْتَانَ، وَأَقَامُوا فِي بِلَادِهِ، وَاحْتَمَوْا بِهِ وَامْتَنَعُوا، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ بَيْنَ