وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ بَادِيسُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُلَكِّينَ، وَبَقِيَ إِلَى أَنْ مَلَكَهَا مِنْهُ الْمُلَثَّمُونَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَانْقَرَضَتْ دُوَلُ جَمِيعِهِمْ، وَصَارَتِ الْأَنْدَلُسُ جَمِيعُهَا لِلْمُلَثَّمِينَ، وَمَلَكَهُمْ أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يُوسُفُ بْنُ تَاشِفِينَ وَاتَّصَلَتْ مَمْلَكَتُهُ مِنَ الْمَغْرِبِ الْأَقْصَى إِلَى آخِرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَنْدَلُسِ (نَعُودُ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ) .

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ وَأَخِيهِ أَبِي الْفَوَارِسِ

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَلِكَ سُلْطَانَ الدَّوْلَةِ لَمَّا مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ وَلَّى أَخَاهُ أَبَا الْفَوَارِسِ بْنَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ كِرْمَانَ، فَلَمَّا وَلِيَهَا، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الدَّيْلَمُ، وَحَسَّنُوا لَهُ مُحَارَبَةَ أَخِيهِ وَأَخْذَ الْبِلَادِ مِنْهُ، فَتَجَهَّزَ وَتَوَجَّهَ إِلَى شِيرَازَ، فَلَمْ يَشْعُرْ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ حَتَّى دَخَلَ أَبُو الْفَوَارِسِ إِلَى شِيرَازَ، فَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ، وَسَارَ إِلَيْهِ فَحَارَبَهُ فَانْهَزَمَ أَبُو الْفَوَارِسِ، وَعَادَ إِلَى كِرْمَانَ، فَتَبِعَهُ إِلَيْهَا فَخَرَجَ مِنْهَا هَارِبًا إِلَى خُرَاسَانَ، وَقَصَدَ يَمِينَ الدَّوْلَةِ مَحْمُودَ بْنَ سُبُكْتِكِينَ وَهُوَ بِبُسْتَ فَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ وَحَمَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَأَجْلَسَهُ فَوْقَ دَارَا بْنِ قَابُوسَ بْنِ وَشْمَكِيرَ فَقَالَ دَارَا: نَحْنُ أَعْظَمُ مَحَلًّا مِنْهُمْ لِأَنَّ أَبَاهُ وَأَعْمَامَهُ خَدَمُوا آبَائِي، فَقَالَ مَحْمُودٌ: لَكِنَّهُمْ أَخَذُوا الْمُلْكَ بِالسَّيْفِ، أَرَادَ بِهَذَا نُصْرَةَ نَفْسِهِ حَيْثُ أَخَذَ خُرَاسَانَ مِنَ السَّامَانِيَّةِ (وَوَعَدَ مَحْمُودٌ أَنْ يَنْصُرَهُ.

ثُمَّ إِنَّ) أَبَا الْفَوَارِسِ بَاعَ جَوْهَرَتَيْنِ كَانَتَا عَلَى جَبْهَةِ فَرَسِهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ فَاشْتَرَاهُمَا مَحْمُودٌ وَحَمَلَهُمَا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: مِنْ غَلَطِكُمْ تَتْرُكُونَ هَذَا عَلَى جَبْهَةِ الْفَرَسِ وَقِيمَتُهَا سِتُّونَ أَلْفَ دِينَارٍ. ثُمَّ إِنَّ مَحْمُودًا سَيَّرَ جَيْشًا مَعَ أَبِي الْفَوَارِسِ إِلَى كِرْمَانَ، مُقَدَّمُهُمْ أَبُو سَعْدٍ الطَّائِيُّ وَهُوَ مِنْ أَعْيَنِ قُوَّادِهِ، فَسَارَ إِلَى كِرْمَانَ فَمَلَكَهَا وَقَصَدَ بِلَادَ فَارِسَ وَقَدْ فَارَقَهَا سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَ شِيرَازَ.

فَلَمَّا سَمِعَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ عَادَ إِلَى فَارِسَ فَالْتَقَوْا هُنَاكَ وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ أَبُو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015