مِنْ أَخِيهِ هِشَامٍ، وَسَارَ أَخُوهُ هِشَامٌ إِلَى الْبُنْتِ، وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ خُوطِبَ بِالْخِلَافَةِ، وَلَمْ يَزَلْ عَلِيُّ بْنُ حَمُّودٍ بَعْدَ هَذِهِ الْهَزِيمَةِ يَقْصِدُ بِلَادَ خَيْرَانَ وَالْعَامِرِيِّينَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.
ذِكْرُ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ الْعَلَوِيِّ
فَلَمَّا كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، تَجَهَّزَ (عَلِيُّ بْنُ حَمُّودٍ) ، لِلْمَسِيرِ إِلَى جَيَّانَ لِقِتَالِ مَنْ بِهَا مِنْ عَسْكَرِ خَيْرَانَ، فَلَمَّا كَانَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ مِنْهُ بَرَزَتِ الْعَسَاكِرُ إِلَى ظَاهِرِ قُرْطُبَةَ بِالْبُنُودِ وَالطُّبُولِ، وَوَقَفُوا يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ، فَدَخَلَ الْحَمَّامَ وَمَعَهُ غِلْمَانُهُ، فَقَتَلُوهُ، فَلَمَّا طَالَ عَلَى النَّاسِ انْتِظَارُهُ بَحَثُوا عَنْ أَمْرِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَرَأَوْهُ مَقْتُولًا، فَعَادَ الْعَسْكَرُ إِلَى الْبَلَدِ.
وَكَانَ لَقَبُهُ الْمُتَوَكِّلَ عَلَى اللَّهِ، وَقِيلَ النَّاصِرَ لِدِينِ اللَّهِ، كَانَ أَسْمَرَ، أَعْيَنَ، أَكْحَلَ، خَفِيفَ الْجِسْمِ، طَوِيلَ الْقَامَةِ، حَازِمًا، عَازِمًا، عَادِلًا، حَسَنَ السِّيرَةِ، وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يُعِيدَ إِلَى أَهْلِ قُرْطُبَةَ أَمْوَالَهُمُ الَّتِي أَخَذَهَا الْبَرْبَرُ، فَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ يُحِبُّ الْمَدْحَ، وَيُجْزِلُ الْعَطَاءَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الْقَاسِمُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَلِيٍّ بِعِدَّةِ أَعْوَامٍ، وَكَانَ عُمْرُ عَلِيٍّ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، بَنُوهُ يَحْيَى وَإِدْرِيسُ، وَأُمُّهُ قُرَشِيَّةٌ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ.