الْمُسْلِمُونَ الْمَدِينَةَ وَمَلَكُوهَا، وَغَنِمُوا مَا فِيهَا، وَفَتَحُوا تِلْكَ الْقِلَاعَ وَالْحُصُونَ الَّتِي لَهُمْ جَمِيعَهَا، فَلَمَّا عَايَنَ ابْنُ سُورَى مَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ شَرِبَ سُمًّا كَانَ مَعَهُ، فَمَاتَ وَخَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11] .

وَأَظْهَرَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ فِي تِلْكَ الْأَعْمَالِ شِعَارَ الْإِسْلَامِ، وَجَعَلَ عِنْدَهُمْ مَنْ يُعَلِّمُهُمْ شَرَائِعَهُ وَعَادَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى طَائِفَةٍ أُخْرَى مِنَ الْكُفَّارِ، فَقَطَعَ عَلَيْهِمْ مَفَازَةً مِنْ رَمْلٍ، وَلَحِقَ عَسَاكِرَهُ عَطَشٌ شَدِيدٌ وَكَادُوا يَهْلِكُونَ، فَلَطَفَ اللَّهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بِهِمْ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مَطَرًا سَقَاهُمْ، وَسَهَّلَ عَلَيْهِمُ السَّيْرَ فِي الرَّمْلِ، فَوَصَلَ إِلَى الْكُفَّارِ، وَهُمْ جَمْعٌ عَظِيمٌ، وَمَعَهُمْ سِتُّمِائَةِ فِيلٍ، فَقَاتَلَهُمْ أَشَدَّ قِتَالٍ صَبَرَ فِيهِ، (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ) ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ نَصَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَزَمَ الْكُفَّارَ، وَأَخَذَ غَنَائِمَهُمْ، وَعَادَ سَالِمًا مُظَفَّرًا مَنْصُورًا.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ أَيْلَكَ الْخَانِ وَبَيْنَ أَخِيهِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ أَيْلَكُ الْخَانُ فِي جُيُوشٍ قَاصِدًا قِتَالَ أَخِيهِ طُغَانَ خَانَ، فَلَمَّا بَلَغَ يَوْزَكَنْدَ سَقَطَ مِنَ الثَّلْجِ مَا مَنَعَهُمْ مِنْ سُلُوكِ الطُّرُقِ، فَعَادَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ.

وَكَانَ سَبَبُ قَصْدِهِ أَنَّ أَخَاهُ أَرْسَلَ إِلَى يَمِينِ الدَّوْلَةِ يَعْتَذِرُ، وَيَتَنَصَّلُ مِنْ قَصْدِ أَخِيهِ أَيْلَكَ الْخَانِ بِلَادَ خُرَاسَانَ، وَيَقُولُ: إِنَّنِي مَا رَضِيتُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيُلْزِمُ أَخَاهُ وَحْدَهُ الذَّنْبَ، وَتَبَرَّأَ هُوَ مِنْهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَخُوهُ أَيْلَكُ الْخَانُ ذَلِكَ سَاءَهُ وَحَمَلَهُ عَلَى قَصْدِهِ.

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ لِلْمِصْرِيِّينَ الْعَلَوِيِّينَ بِالْكُوفَةِ وَالْمَوْصِلِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا خَطَبَ قِرْوَاشُ بْنُ الْمُقَلَّدِ أَمِيرُ بَنِي عُقَيْلٍ لِلْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ (الْعَلَوِيِّ، صَاحِبِ مِصْرَ) ، بِأَعْمَالِهِ كُلِّهَا، وَهِيَ: الْمَوْصِلُ، وَالْأَنْبَارُ، وَالْمَدَائِنُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015