مَعَهُ، فَتَفَرَّقُوا، فَعَادَ ابْنُ مَزْيَدٍ إِلَى بَلَدِهِ، وَسَارَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عِيسَى إِلَى حُلْوَانَ، وَرَاسَلَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي إِصْلَاحِ حَالِهِ مَعَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ بِتُسْتَرَ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ لِئَلَّا يَسْتَوْحِشَ عَمِيدَ الْجُيُوشِ.

ذِكْرُ قِصَّةِ بَدْرٍ وَوِلَايَةِ رَافِعِ بْنِ مَقْنٍ

كَانَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ عَنَّازٍ الْتَجَأَ إِلَى رَافِعِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَقْنٍ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ، حِينَ أَخَذَ بَدْرُ بْنُ حَسَنَوَيْهِ مِنْهُ حُلْوَانَ وَقَرْمِيسِينَ، فَأَرْسَلَ بَدْرٌ إِلَى رَافِعٍ يَذْكُرُ مَوَدَّةَ أَبِيهِ، وَحُقُوقَهُ عَلَيْهِ، وَيَعْتِبُ عَلَيْهِ حَيْثُ آوَى خَصْمَهُ، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يُبْعِدَهُ لِيَدُومَ لَهُ عَلَى الْعَهْدِ وَالْوُدِّ الْقَدِيمِ. فَلَمْ يَفْعَلْ رَافِعٌ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ بَدْرٌ جَيْشًا إِلَى أَعْمَالِ رَافِعٍ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ دِجْلَةَ فَنَهَبَهَا، وَقَصَدُوا دَارَهُ بِالْمَطِيرَةِ فَنَهَبُوهَا، وَأَحْرَقُوهَا وَسَارُوا إِلَى قَلْعَةِ الْبَرَدَانِ، وَهِيَ لِرَافِعٍ أَيْضًا، فَفَتَحُوهَا قَهْرًا، وَأَحْرَقُوا مَا كَانَ بِهَا مِنَ الْغَلَّاتِ، وَطَمُّوا بِئْرَهَا، فَسَارَ أَبُو الْفَتْحِ إِلَى عَمِيدِ الْجُيُوشِ بِبَغْدَاذَ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ وَوَعَدَهُ نَصْرَهُ.

ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ وَاصِلٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ وَاصِلٍ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ابْتِدَاءِ حَالِهِ، وَارْتِفَاعِهِ، وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى الْبَطِيحَةِ، وَمَا أَخَذَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَمَا هَزَمَ مِنْ جُيُوشِ السُّلْطَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ.

فَلَمَّا عَظُمَ أَمْرُهُ سَارَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ مِنْ فَارِسَ إِلَى الْأَهْوَازِ لِيَحْفَظَ خُوزِسْتَانَ مِنْهُ، وَكَانَ فِي الْبَطَائِحِ مُقَابِلَ عَمِيدِ الْجُيُوشِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ سَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَبِهَا بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، فَمَلَكَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، (وَعَادَ عَنْهَا عَلَى صُلْحٍ مَعَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ) أَيْضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015