ذِكْرُ غَزْوِهِ إِلَى الْهِنْدِ

فَلَمَّا فَرَغَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ مِنَ التُّرْكِ سَارَ نَحْوَ الْهِنْدِ لِلْغَزَاةِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ أَوْلَادِ مُلُوكِ الْهِنْدِ، يُعْرَفُ بِنُوَاسَهْ شَاهْ، كَانَ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى بَعْضِ مَا افْتَتَحَهُ مِنْ بِلَادِهِمْ.

فَلَمَّا كَانَ الْآنَ بَلَغَهُ أَنَّهُ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَمَالَأَ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مُجِدًّا، فَحِينَ قَارَبَهُ فَرَّ الْهِنْدِيُّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَاسْتَعَادَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ تِلْكَ الْوِلَايَةَ، وَأَعَادَهَا إِلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا بَعْضَ أَصْحَابِهِ، وَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ.

ذِكْرُ حَصْرِ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَجَّاجِ بِغَدَاذَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَمَعَ أَبُو جَعْفَرٍ الْحَجَّاجُ جَمْعًا كَثِيرًا، وَأَمَدَّهُ بَدْرُ بْنُ حَسَنَوَيْهِ بِجَيْشٍ كَثِيرٍ، فَسَارَ بِالْجَمِيعِ وَحَصَرَ بَغْدَاذَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ نَازِلًا عَلَى قَلَجَ حَامِي طَرِيقِ خُرَاسَانَ، وَكَانَ قَلَجُ مُبَايِنًا لِعَمِيدِ الْجُيُوشِ، فَاجْتَمَعَا لِذَلِكَ. فَتُوُفِّيَ قَلَجُ هَذِهِ السَّنَةَ، فَجَعَلَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ عَلَى حِمَايَةِ الطَّرِيقِ أَبَا الْفَتْحِ بْنَ عَنَّازٍ، وَكَانَ عَدُوًّا لِبَدْرِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ، فَحَقَدَ ذَلِكَ بَدْرٌ، فَاسْتَدْعَى أَبَا جَعْفَرٍ الْحَجَّاجَ، وَجَمَعَ لَهُ جَمْعًا كَثِيرًا، مِنْهُمُ الْأَمِيرُ هِنْدِيُّ بْنُ سَعْدِيٍّ، وَأَبُو عِيسَى شَاذِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَوَرَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى بَغْدَاذَ.

وَكَانَ الْأَمِيرُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ قَدْ عَادَ مِنْ عِنْدِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بِخُوزِسْتَانَ مُغْضَبًا، فَاجْتَمَعَ مَعَهُمْ، فَزَادَتْ عِدَّتُهُمْ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ.

وَكَانَ عَمِيدُ الْجُيُوشِ عِنْدَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ لِقِتَالِ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ وَاصِلٍ، فَسَارَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَنِ اجْتَمَعَ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَنَزَلُوا عَلَى فَرْسَخٍ مِنْهَا، وَأَقَامُوا شَهْرًا، وَبِبَغْدَاذَ جَمْعٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَمَعَهُمْ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ عَنَّازٍ، فَحَفِظُوا الْبَلَدَ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ أَتَاهُمْ خَبَرُ انْهِزَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَقُوَّةِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَفَتَّ ذَلِكَ فِي أَعْضَادِ أَبِي جَعْفَرٍ وَمَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015