وَبَلَغَ سُبُكْتِكِتِينَ أَنَّ ابْنَ عُزَيْرٍ، وَزِيرَ الْأَمِيرِ نُوحٍ، يَسْعَى فِي خَلَاصِ أَبِي عَلِيٍّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ (يَطْلُبُ أَبَا عَلِيٍّ إِلَيْهِ) ، فَحَبَسَهُ، فَمَاتَ فِي حَبْسِهِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ، (وَآخِرَ حَالِ) بَيْتِ سِيمْجُورَ جَزَاءً لِكُفْرَانِ إِحْسَانِ مَوْلَاهُمْ، فَتَبَارَكَ الْحَيُّ الدَّائِمُ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَزُولُ مُلْكُهُ.
وَكَانَ ابْنُهُ أَبُو الْحَسَنِ قَدْ لَحِقَ بِفَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ، فَسَارَ عَنْهُ سِرًّا إِلَى خُرَاسَانَ لِهَوًى كَانَ لَهُ بِهَا، وَظَنَّ أَنَّ أَمْرَهُ يَخْفَى، فَظَهَرَ حَالُهُ، فَأُخِذَ أَسِيرًا وَسُجِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ.
وَأَمَّا أَبُو الْقَاسِمِ أَخُو أَبِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ أَقَامَ فِي خِدْمَةِ سُبُكْتِكِينَ مُدَّةً يَسِيرَةً، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ خِلَافُ الطَّاعَةِ، وَقَصَدَ نَيْسَابُورَ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا أَرَادَ، وَعَادَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ إِلَيْهِ، فَهَرَبَ مِنْهُ وَقَصَدَ فَخْرَ الدَّوْلَةِ وَبَقِيَ عِنْدَهُ، وَسَيَرِدُ بَاقِي أَخْبَارِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ وَفَاةِ الصَّاحِبِ بْنِ عَبَّادٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ الصَّاحِبُ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبَّادٍ، وَزِيرُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بِالرَّيِّ، وَكَانَ وَاحِدَ زَمَانِهِ عِلْمًا وَفَضْلًا، وَتَدْبِيرًا، وَجَوْدَةَ رَأْيٍ، وَكَرَمًا، عَالِمًا بِأَنْوَاعِ الْعُلُومِ، وَعَارِفًا بِالْكِتَابَةِ وَمَوَادِّهَا، وَرَسَائِلُهُ مَشْهُورَةٌ مُدَوَّنَةٌ، وَجَمَعَ مِنَ الْكُتُبِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَحْتَاجُ فِي نَقْلِهَا إِلَى أَرْبَعِمِائَةِ جَمَلٍ.
وَلَمَّا مَاتَ وَزَرَ بَعْدَهُ لِفَخْرِ الدَّوْلَةِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الضَّبِّيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْكَافِي.
وَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِفَخْرِ الدَّوْلَةِ: قَدْ خَدَمْتُكَ خِدْمَةً اسْتَفْرَغْتُ فِيهَا وُسْعِي