وَسَارَ نَحْوَ الْجُرْجَانِيَّةِ وَنَزَلَ بِقَرْيَةٍ بِقُرْبِ خُوَارَزْمَ تُسَمَّى هِزَارَ أَسْبَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ خُوَارَزْمُشَاهْ مَنْ أَقَامَ لَهُ ضِيَافَةً، وَوَعَدَهُ أَنْ يَقْصِدَهُ لِيَجْتَمِعَ بِهِ، فَسَكَنَ إِلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ خُوَارَزْمُشَاهْ جَمْعًا مِنْ عَسْكَرِهِ فَأَحَاطُوا بِهِ وَأَخَذُوهُ أَسِيرًا فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَاعْتَقَلَهُ فِي بَعْضِ دُورِهِ، وَطَلَبَ أَصْحَابَهُ فَأَسَرَ أَعْيَانَهُمْ وَتَفَرَّقَ الْبَاقُونَ.
وَأَمَّا فَائِقٌ فَإِنَّهُ سَارَ إِلَى أَيْلَكَ خَانْ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ وَوَعَدَهُ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى قَاعِدَتِهِ، وَكَتَبَ إِلَى نُوحٍ يَشْفَعُ فِي فَائِقٍ، وَأَنْ يُوَلَّى سَمَرْقَنْدَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَأَقَامَ بِهَا.
ذِكْرُ خَلَاصِ أَبِي عَلِيٍّ وَقَتْلِ خُوَارَزْمَشَاهْ
لَمَّا أُسِرَ أَبُو عَلِيٍّ بَلَغَ خَبَرُهُ إِلَى مَأْمُونِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالِي الْجُرْجَانِيَّةِ، فَقَلِقَ لِذَلِكَ وَعَظُمَ عَلَيْهِ، وَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ نَحْوَ خُوَارَزْمَشَاهْ، وَعَبَرَ إِلَى كَاثَ، وَهِيَ مَدِينَةُ خُوَارَزْمَشَاهْ، فَحَصَرُوهَا وَقَاتَلُوهَا، وَفَتَحُوهَا عَنْوَةً، وَأَسَرُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ خُوَارَزْمَشَاهْ، وَأَحْضَرُوا أَبَا عَلِيٍّ فَفَكُّوا عَنْهُ قَيْدَهُ وَأَخَذُوهُ وَعَادُوا إِلَى الْجُرْجَانِيَّةِ، وَاسْتَخْلَفَ مَأْمُونٌ بِخُوَارَزْمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، وَصَارَتْ [فِي] جُمْلَةِ مَا بِيَدِهِ، وَأَحْضَرَ خُوَارَزْمَشَاهْ وَقَتَلَهُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَلِيٍّ سِيمْجُورَ.
ذِكْرُ قَبْضِ أَبِي عَلِيٍّ سِيمْجُورَ وَمَوْتِهِ
لَمَّا حَصَلَ أَبُو عَلِيٍّ عِنْدَ مَأْمُونِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِالْجُرْجَانِيَّةِ كَتَبَ إِلَى الْأَمِيرِ نُوحٍ يَشْفَعُ فِيهِ، وَيَسْأَلُ الصَّفْحَ عَنْهُ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَمَرَ أَبَا عَلِيٍّ بِالْمَسِيرِ إِلَى بُخَارَى، فَسَارَ إِلَيْهَا فِيمَنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغُوا بُخَارَى لَقِيَهُمُ الْأُمَرَاءُ وَالْعَسَاكِرُ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى الْأَمِيرِ نُوحٍ أَمَرَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِمْ.