عَلَى مَرَاتِبِهِمْ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنَ السِّعَايَاتِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَأَمِنُوا وَسَكَنُوا وَوَزَرَ لَهُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ صَالِحَانَ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ مُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ الْبَطِيحَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمُظَفَّرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُ أُخْتِهِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ بِالْعَهْدِ الْمَذْكُورِ، وَكَتَبَ إِلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ يَبْذُلُ لَهُ الطَّاعَةَ، وَيَطْلُبُ التَّقْلِيدَ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَلُقِّبَ بِمُهَذَّبِ الدَّوْلَةِ، فَأَحْسَنَ السِّيرَةَ، وَبَذَلَ الْخَيْرَ وَالْإِحْسَانَ، فَقَصَدَهُ النَّاسُ، وَأَمِنَ عِنْدَهُ الْخَائِفُ.
وَصَارَتِ الْبَطِيحَةُ مَعْقِلًا لِكُلِّ مَنْ قَصْدَهَا، وَاتَّخَذَهَا الْأَكَابِرُ وَطَنًا، وَبَنَوْا فِيهَا الدُّورَ الْحَسَنَةَ، وَوَسِعَهُمْ بِرُّهُ وَإِحْسَانُهُ، وَكَاتَبَ مُلُوكَ الْأَطْرَافِ وَكَاتَبُوهُ، وَزَوَّجَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ ابْنَتَهُ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ إِلَى أَنْ قَصَدَهُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ فَحَمَاهُ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَتَتْهُ الْخِلَافَةُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الصُّوفِيُّ، الْمُنَجِّمُ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِالرَّيِّ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ.
وَفِيهَا كَانَ بِالْمَوْصِلِ زَلْزَلَةٌ شَدِيدَةٌ تَهَدَّمَ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمَنَازِلِ، وَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
وَفِيهَا قَتَلَ الْمَنْصُورُ بْنُ يُوسُفَ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَّةَ، عَبْدَ اللَّهِ الْكَاتِبَ، وَقَامَ عَلَى وِلَايَةِ الْأَعْمَالِ بِإِفْرِيقِيَّةَ عِوَضَهُ يُوسُفُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَكَانَ وَالِيَ قَفْصَةَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا كَانَ بِالْعِرَاقِ غَلَاءٌ شَدِيدٌ جَلَا لِشِدَّتِهِ أَكْثَرُ أَهْلِهِ.