رَمَضَانَ، فَنَزَلَ بِالشُّفَيْعِيِّ، وَأَخُوهُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ مَعَهُ تَحْتَ الِاعْتِقَالِ، وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ بِالْعِرَاقِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالدَّيْلَمِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الدَّيْلَمِ وَالْأَتْرَاكِ الَّذِينَ مَعَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَاذَ.

وَسَبَبُهَا أَنَّ الدَّيْلَمَ اجْتَمَعُوا مَعَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ بَلَغَتْ عُدَّتُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَكَانَ الْأَتْرَاكُ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ، فَاسْتَطَالَ عَلَيْهِمُ الدَّيْلَمُ، فَجَرَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ بَعْضِهِمْ فِي دَارٍ وَإِصْطَبْلٍ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى الْمُحَارَبَةِ، فَاسْتَظْهَرَ الدَّيْلَمُ لِكَثْرَتِهِمْ، وَأَرَادُوا إِخْرَاجَ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ وَإِعَادَتَهُ إِلَى مُلْكِهِ.

وَبَلَغَ شَرَفَ الدَّوْلَةِ الْخَبَرُ، فَوَكَّلَ بِصَمْصَامِ الدَّوْلَةِ مَنْ يَقْتُلُهُ إِنْ هَمَّ الدَّيْلَمُ بِإِخْرَاجِهِ. ثُمَّ إِنَّ الدَّيْلَمَ لَمَّا اسْتَظْهَرُوا عَلَى الْأَتْرَاكِ تَبِعُوهُمْ، فَتَشَوَّشَتْ صُفُوفُهُمْ، فَعَادَتِ الْأَتْرَاكُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمَامِهِمْ وَخَلْفِهِمْ، فَانْهَزَمُوا وَقُتِلَ مِنْهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَدَخَلَ الْأَتْرَاكُ الْبَلَدَ، فَقَتَلُوا مَنْ وَجَدُوهُ مِنْهُمْ، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، وَتَفَرَّقَ الدَّيْلَمُ، فَبَعْضُهُمُ اعْتَصَمَ بِشَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَبَعْضُهُمْ سَارَ عَنْهُ.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ دَخَلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ بَغْدَاذَ، وَالدَّيْلَمُ الْمُعْتَصِمُونَ بِهِ مَعَهُ، فَخَرَجَ الطَّائِعُ لِلَّهِ وَلَقِيَهُ وَهَنَّأَهُ بِالسَّلَامَةِ، وَقَبَّلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ الْأَرْضَ، وَأَخَذَ الدَّيْلَمُ يَذْكُرُونَ صَمْصَامَ الدَّوْلَةِ، فَقِيلَ لِشَرَفِ الدَّوْلَةِ: اقْتُلْهُ، وَإِلَّا مَلَّكُوهُ الْأَمْرَ.

ثُمَّ إِنَّ شَرَفَ الدَّوْلَةِ أَصْلَحَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ، وَحَلَفَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَحُمِلَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ إِلَى فَارِسَ، فَاعْتُقِلَ فِي قَلْعَةٍ هُنَاكَ، فَرَدَّ شَرَفُ الدَّوْلَةِ عَلَى الشَّرِيفِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ وَزَادَهُ عَلَيْهَا، وَكَانَ خَرَاجُ أَمْلَاكِهِ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَخَمْسَ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَرَدَّ عَلَى النَّقِيبِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوسَوِيِّ أَمْلَاكَهُ، وَأَقَرَّ النَّاسَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015