وَكَتَبَ (نُوحٌ إِلَى) وَشْمَكِيرَ وَالْحَسَنِ بْنِ فَيَرُزَانَ يَأْمُرُهُمَا بِالصُّلْحِ، وَأَنْ يَتَسَاعَدَا عَلَى مَنْ يُخَالِفُ الدَّوْلَةَ، فَفَعَلَا ذَلِكَ، فَلَمَّا عَلِمَ أَبُو عَلِيٍّ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ مَعَ نُوحٍ، كَاتَبَ عَلَيْهِ رُكْنَ الدَّوْلَةِ فِي الْمَصِيرِ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْمَقَامُ بِخُرَاسَانَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى الصَّغَانِيَانِ، فَاضْطُرَّ إِلَى مُكَاتَبَةِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ فِي الْمَصِيرِ إِلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شُبَاطَ، ظَهَرَ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ جَرَادٌ كَثِيرٌ أَقَامَ أَيَّامًا، وَأَثَّرَ فِي الْغَلَّاتِ آثَارًا قَبِيحَةً، وَكَذَلِكَ ظَهَرَ بِالْأَهْوَازِ، وَدِيَارِ الْمَوْصِلِ، وَالْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ، وَسَائِرِ النَّوَاحِي، فَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَهُ بِالْعِرَاقِ.
وَفِيهَا عَادَ رُسُلٌ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَرْسَلَهُمْ إِلَى خُرَاسَانَ لِلصُّلْحِ بَيْنَ رُكْنِ الدَّوْلَةِ وَنُوحٍ صَاحِبِ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى حُلْوَانَ، خَرَجَ عَلَيْهِمُ ابْنُ أَبِي الشَّوْكِ فِي أَكْرَادِهِ، فَنَهَبَهُمْ وَنَهَبَ الْقَافِلَةَ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُمْ، وَأَسَرَ الرُّسُلَ ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ، فَسَيَّرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَسْكَرًا إِلَى حُلْوَانَ، فَأَوْقَعُوا بِالْأَكْرَادِ وَأَصْلَحُوا الْبِلَادَ هُنَاكَ وَعَادُوا.
وَفِيهَا سَيَّرَ الْحُجَّاجَ الشَّرِيفَانِ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيَّانِ، فَجَرَى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَسَاكِرِ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ طُغْجَ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ الظَّفَرُ لَهُمَا، فَخَطَبَ لِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ مَكَّةَ، لِحَقَهُمَا عَسْكَرُ مِصْرَ، فَقَاتَلَهُمَا فَظَفِرَا بِهِ أَيْضًا.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْفَهْمِ دَاوُدُ أَبُو الْقَاسِمِ جَدُّ الْقَاضِي عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّنُوخِيِّ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ عَالِمًا بِأُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالنُّجُومِ، وَلَهُ شِعْرٌ.