أَلَا مَنْ يَشْتَرِي سَهَرًا بِنَوْمٍ
؟
سَعِيدٌ مَنْ يَبِيتُ قَرِيرَ عَيْنِ.
فَإِمَّا حِمْيَرٌ غَدَرَتْ وَخَانَتْ ... فَمَعْذِرَةُ الْإِلَهِ لِذِي رُعَيْنِ.
ثُمَّ خَتَمَهَا وَأَتَى بِهَا عَمْرًا فَقَالَ: ضَعْ هَذِهِ عِنْدَكَ، فَفَعَلَ. فَلَمَّا بَلَغَ حَسَّانَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَخُوهُ وَقَبَائِلُ الْيَمَنِ قَالَ لِعَمْرٍو:
يَا عَمْرُو لَا تُعْجِلْ عَلَيَّ مَنِيَّتِي ... فَالْمُلْكُ تَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حُشُودِ.
فَأَبَى إِلَّا قَتْلَهُ، فَقَتَلَهُ بِمَوْضِعِ رَحْبَةِ مَالِكٍ، فَكَانَتْ تُسَمَّى فَرْضَةَ نُعْمٍ فِيمَا قِيلَ.
ثُمَّ عَادَ إِلَى الْيَمَنِ فَمُنِعَ النَّوْمُ مِنْهُ، فَسَأَلَ الْأَطِبَّاءَ وَغَيْرَهُمْ عَمَّا بِهِ وَشَكَا إِلَيْهِمُ السَّهَرَ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْهُمْ: مَا قَتَلَ أَحَدٌ أَخَاهُ أَوْ ذَا رَحِمٍ بَغْيًا إِلَّا مُنِعَ عَنْهُ النَّوْمُ. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ قَتَلَ كُلَّ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ أَخِيهِ، حَتَّى خَلَصَ إِلَى ذِي رُعَيْنٍ، فَلَمَّا أَرَادَ قَتْلَهُ قَالَ: إِنَّ لِي عِنْدَكَ بَرَاءَةً. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ . قَالَ: أَخْرِجِ الْكِتَابَ الَّذِي اسْتَوْدَعْتُكَ. فَأَخْرَجَهُ فَإِذَا فِيهِ الْبَيْتَانِ، فَكَفَّ عَنْ قَتْلِهِ، وَلَمْ يَلْبَثْ عَمْرٌو أَنْ هَلَكَ، فَتَفَرَّقَتْ حِمْيَرُ عِنْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ قَتْلِ قُبَاذَ بِالرَّيِّ، وَمُلْكِ تُبَّعٍ الْبِلَادَ مِنْ بَعْدِ قَتْلِهِ مِنَ النَّقْلِ الْقَبِيحِ وَالْغَلَطِ الْفَاحِشِ، وَفَسَادُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، فَلَوْلَا أَنَّنَا شَرَطْنَا أَنْ لَا نَتْرُكَ تَرْجَمَةً مِنْ تَارِيخِهِ إِلَّا وَنَأْتِي بِمَعْنَاهَا مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ لَكَانَ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ أَوْلَى. وَوَجْهُ الْغَلَطِ فِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ قُبَاذَ قُتِلَ بِالرَّيِّ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ مِنَ الْفُرْسِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ قُبَاذَ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فِي زَمَانٍ مَعْلُومٍ، وَكَانَ مُلْكُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً، كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ قُتِلَ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
وَلَمَّا مَاتَ مَلَكَ ابْنُهُ كِسْرَى أَنُوشِرْوَانَ بَعْدَهُ، وَهَذَا أَشْهَرُ مِنْ: قِفَا نَبْكِ، وَلَوْ كَانَ