نَفْسَهُ وَعَرَفَ الْحَقَّ، وَإِنَّ الْجَنَّةَ مَعْرِفَتُهُمْ وَانْتِحَالُ مَذْهَبِهِمْ، وَالنَّارُ الْجَهْلُ بِهِمْ وَالْعُدُولُ عَنْ مَذْهَبِهِمْ. وَيَعْتَقِدُونَ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَلَا يَتَنَاكَحُونَ بِعَقْدٍ، وَيُبِيحُونَ الْفُرُوجَ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ إِلَى كُبَرَاءِ قُرَيْشٍ وَجَبَابِرَةِ الْعَرَبِ، وَنُفُوسُهُمْ أَبِيَّةٌ، فَأَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ، وَإِنَّ الْحِكْمَةَ الْآنَ أَنْ يَمْتَحِنَ النَّاسَ بِإِبَاحَةِ فُرُوجِ نِسَائِهِمْ، وَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجَامِعَ الْإِنْسَانُ مَنْ شَاءَ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ، وَحَرَمِ صَدِيقِهِ وَابْنِهِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْفَاضِلِ مِنْهُمْ أَنْ يَنْكِحَ الْمَفْضُولَ لِيُولِجَ النُّورَ فِيهِ، وَمَنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ قُلِبَ فِي الدَّوْرِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا الْعَالَمِ امْرَأَةً، إِذْ كَانَ مَذْهَبُهُمُ التَّنَاسُخَ، وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ إِهْلَاكَ الطَّالِبِيِّينَ وَالْعَبَّاسِيِّينَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلَّوًا كَبِيرًا.

وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بِمَقَالَةِ النُّصَيْرِيَّةِ، وَلَعَلَّهَا هِيَ هِيَ، فَإِنَّ النُّصَيْرِيَّةَ يَعْتَقِدُونَ فِي ابْنِ الْفُرَاتِ، وَيَجْعَلُونَهُ رَأْسًا فِي مَذْهَبِهِمْ.

وَكَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ بِالرَّقَّةِ، فَأَرْسَلَ الرَّاضِيَ بِاللَّهِ إِلَيْهِ، فَقُتِلَ آخِرَ ذِي الْقِعْدَةِ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَغْدَاذَ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ حَاجِبُ الْخَلِيفَةِ رَسُولًا إِلَى أَبِي طَاهِرٍ الْقُرْمُطِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَةِ الْخَلِيفَةِ، لِيُقِرَّهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الْبِلَادِ، وَيُقَلِّدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ مِنَ الْبُلْدَانِ، وَيُحْسِنَ إِلَيْهِ، وَيَلْتَمِسَ مِنْهُ أَنْ يَكُفَّ عَنِ الْحَاجِّ جَمِيعِهِمْ، وَأَنْ يَرُدَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ إِلَى مَوْضِعِهِ بِمَكَّةَ، فَأَجَابَ أَبُو طَاهِرٍ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْحَاجِّ، وَلَا يُصِيبُهُمْ بِمَكْرُوهٍ، وَلَمْ يُجِبْ إِلَى رَدِّ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى مَكَّةَ، وَسَأَلَ أَنْ يُطْلِقَ لَهُ الْمِيرَةَ مِنَ الْبَصْرَةِ لِيَخْطُبَ فِي أَعْمَالِ هَجَرَ، فَسَارَ الْحَاجُّ إِلَى مَكَّةَ وَعَادَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمُ الْقَرَامِطَةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015