الْأَخْبَارُ تَرِدُ مِنْ جِهَتِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ عَلَى يَدِ نَصْرٍ الْحَاجِبِ، فَقَالَ نَصْرٌ: هَذَا فِعْلُهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ إِذَا اصْطَنَعْتَهُ! فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ فِي وِزَارَتِهِ.
وَتَقَدَّمَ الْمُقْتَدِرُ فِي مُنْتَصَفِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِالْقَبْضِ عَلَى الْوَزِيرِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، وَأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَلَعَ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، وَتَوَلَّى الْوِزَارَةَ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ لِمَوَدَّةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا.
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ حَالِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ وَإِخْوَتِهِ
لَمَّا وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْوِزَارَةَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبَرِيدِيِّ قَدْ ضَمِنَ الْخَاصَّةَ، وَكَانَ أَخُوهُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى سُرَّقَ، فَلَمَّا اسْتَعْمَلَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْعُمَّالَ، وَرَتَّبَهُمْ فِي الْأَعْمَالِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تُقَلِّدُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْجَلِيلَةِ، وَتَقْتَصِرُ بِي عَلَى ضَمَانِ الْخَاصَّةِ بِالْأَهْوَازِ، وَبِأَخِي أَبِي يُوسُفَ عَلَى سُرَّقَ! لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَقْنَعُ بِهَذَا مِنْكَ، فَإِنَّ لِطَلَبِي صَوْتًا سَوْفَ يُسْمَعُ بَعْدَ أَيَّامٍ.
فَلَمَّا بَلَغَهُ اضْطِرَابُ أَمْرِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى أَرْسَلَ أَخَاهُ أَبَا الْحُسَيْنِ إِلَى بَغْدَاذَ (وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْطُبَ لَهُ أَعْمَالَ الْأَهْوَازِ وَمَا يَجْرِي مَعَهَا إِذَا تَجَدَّدَتْ وِزَارَةٌ) لِمَنْ يَأْخُذُ الرُّشَا، وَيَرْتَفِقُ، فَلَمَّا وَزَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ بَذَلَ لَهُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى ذَلِكَ، فَقَلَّدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْأَهْوَازَ جَمِيعَهَا، سِوَى السُّوسِ وَجُنْدَيْسَابُورَ، وَقَلَّدَ أَخَاهُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفُرَاتِيَّةَ، وَقَلَّدَ أَخَاهُمَا أَبَا يُوسُفَ الْخَاصَّةَ وَالْأَسَافِلَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي ذِمَّةِ أَبِي أَيُّوبَ السِّمْسَارِ إِلَى أَنْ يَتَصَرَّفُوا فِي الْأَعْمَالِ.
وَكَتَبَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقِلَّةَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْقَبْضِ عَلَى ابْنِ أَبِي السَّلَاسِلِ، فَسَارَ