يُلَحِّنُهُ وَتَشْرَبُ عَلَيْهِ، وَاتْرُكْ هَذَا الْحُزْنَ، فَقَالَ: مَا هُوَ؟ فَقَالَ الْمُضْحِكُ، (لِلْمُغَنِّينَ: غَنُّوا شِعْرًا كَذَا) وَقُولُوا بَعْدَ فَرَاغِ كُلِّ بَيْتٍ:
اشْرَبْ وَاسْقِنَا مِنَ الْقَرْنِ يَكْفِينَا
فَلَمَّا غَنَّوْا طَرِبَ زِيَادَةُ اللَّهِ (وَشَرِبَ) ، وَانْهَمَكَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشَّهَوَاتِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ سَاعَدُوهُ عَلَى مُرَادِهِ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْرَجَ خَيْلًا إِلَى مَدِينَةِ مَجَانَةَ فَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً، وَقَتَلَ عَامِلَهَا، وَسَيَّرَ عَسْكَرًا آخَرَ إِلَى مَدِينَةِ تِيفَاشَ، فَمَلَكَهَا وَأَمَّنَ أَهْلَهَا.
وَقَصَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْقَبَائِلِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ وَسَارَ بِنَفْسِهِ إِلَى مِسْكِيَانَةَ ثُمَّ إِلَى تَبِسَّةَ، ثُمَّ إِلَى مُدْبِرَةَ، فَوَجَدَ فِيهَا أَهْلَ قَصْرِ الْإِفْرِيقِيِّ وَمَدِينَةِ مَرْمَجَنَّةَ، وَمَدِينَةِ مَجَانَةَ وَأَخْلَاطًا مِنَ النَّاسِ قَدِ الْتَجَئُوا إِلَيْهَا وَتُحَصَّنُوا فِيهَا، وَهِيَ حَصِينَةٌ، فَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَقَاتَلَهَا، فَأَصَابَهُ عِلَّةُ الْحَصَى، وَكَانَتْ تَعْتَادُهُ، فَشُغِلَ بِنَفْسِهِ، وَطَلَبَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ بَعْضُ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، فَفَتَحُوا الْحِصْنَ، فَدَخَلَهَا الْعَسْكَرُ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ، وَانْتَهَبُوا. وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَعَظُمَ عَلَيْهِ، وَرَحَلَ، فَنَزَلَ عَلَى الْقَصْرَيْنِ مِنْ قَمُّودَةَ وَطَلَبَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ، وَبَلَغَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي الْأَغْلَبِ، أَمِيرَ الْجَيْشِ الَّذِي سَيَّرَهُ زِيَادَةُ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُرِيدُ [أَنْ] يَقْصِدُ زِيَادَةَ اللَّهِ بِرَقَّادَةَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ زِيَادَةِ اللَّهِ كَبِيرُ عَسْكَرٍ، فَخَرَجَ مِنَ