أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَلْيَكُنْ لِلصَّنِيعَةِ عِنْدَكَ مَوْضِعٌ، وَتَحْفَظْنَا فِيمَنْ خَلَّفْنَاهُ. وَأَطْلَقَهُ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْأَغْلَبِ، فَأَرَادَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ رَجُلٍ آخَرَ كَانَا قَدْ عَرَضَا أَنْفُسَهُمَا عَلَى وِلَايَةِ الْقَيْرَوَانِ، فَعَلِمَا ذَلِكَ، وَهَرَبَا إِلَى مِصْرَ، وَقَدِمَا عَلَى الْعَامِلِ بِهَا وَهُوَ عِيسَى النُّوشَرِيُّ، فَتَحَدَّثَا مَعَهُ، وَسَعَيَا بِزِيَادَةِ اللَّهِ وَقَالَا لَهُ: إِنَّهُ يُمَنِّي نَفْسَهُ بِوِلَايَةِ مِصْرَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، وَأَرَادَ مَنْعَهُ عَنْ دُخُولِ مِصْرَ إِلَّا بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَغْدَاذَ، فَوَصَلَ زِيَادَةُ اللَّهِ لَيْلًا، وَعَبَرَ الْجِسْرَ إِلَى الْجِيزَةِ قَهْرًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النُّوشَرِيُّ لَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ، فَأَنْزَلَهُ بِدَارِ ابْنِ الْجَصَّاصِ، وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، فَأَقَامَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، وَرَحَلَ يُرِيدُ بَغْدَاذَ، فَهَرَبَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَفِيهِمْ غُلَامٌ لَهُ، (وَأُخِذَ مِنْهُ مِائَةُ) أَلْفِ دِينَارٍ فَأَقَامَ عِنْدَ النُّوشَرِيِّ، فَأَرْسَلَ النُّوشَرِيُّ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَهُوَ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ، يُعَرِّفُهُ حَالَ زِيَادَةِ اللَّهِ وَحَالَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِمِصْرَ، فَأَمَرَهُ بِرَدِّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ إِلَيْهِ مَعَ الْمَالِ، فَفَعَلَ.
وَسَارَ زِيَادَةُ اللَّهِ حَتَّى بَلَغَ الرَّقَّةَ وَكَتَبَ إِلَى الْوَزِيرِ وَهُوَ ابْنُ الْفُرَاتِ يَسْأَلُهُ فِي الْإِذْنِ لَهُ لِدُخُولِ بَغْدَاذَ، فَأَمَرَهُ بِالتَّوَقُّفِ، فَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ (سَنَةً) ، فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَهُوَ مَعَ هَذَا مُدْمِنٌ الْخَمْرَ، وَاسْتِمَاعَ الْمَلَاهِي، وَسُعِيَ بِهِ إِلَى الْمُقْتَدِرِ، وَقِيلَ لَهُ يُرَدُّ إِلَى الْمَغْرِبِ يَطْلُبُ بِثَأْرِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَكَتَبَ إِلَى النُّوشَرِيِّ بِإِنْجَادِهِ بِالرِّجَالِ وَالْعُدَدِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ مِصْرَ لِيَعُودَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَعَادَ إِلَى مِصْرَ، فَأَمَرَهُ النُّوشَرِيُّ بِالْخُرُوجِ إِلَى ذَاتِ الْحَمَّامِ لِيَكُونَ هُنَاكَ إِلَى أَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالْمَالِ، فَفَعَلَ، (وَمَطَلَهُ) ، فَطَالَ مُقَامَهُ، وَتَتَابَعَتْ بِهِ الْأَمْرَاضُ.
وَقِيلَ بَلْ سَمَّهُ بَعْضُ غِلْمَانِهِ، فَسَقَطَ شَعْرُ لِحْيَتِهِ، فَعَادَ إِلَى مِصْرَ، وَقَصَدَ الْبَيْتَ