وَسَيَّرَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي السَّاجِ إِلَى وَاسِطَ لِيَرُدَّ غُلَامَهُ وَصِيفًا إِلَى بَغْدَاذَ، فَمَضَى وَصِيفٌ إِلَى السُّوسِ فَعَاثَ بِهَا وَنَهَبَ الطِّيبَ، وَأَبَى الرُّجُوعَ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَفِيهَا قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ اللَّيْثِ أَخُو الصَّفَّارِ، قَتَلَهُ رَافِعُ بْنُ هَرْثَمَةَ، وَكَانَ قَدْ يَحْنِقُ بِهِ، وَتَرَكَ أَخَاهُ.
وَفِيهَا غَارَ مَاءُ النِّيلِ، فَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِمِصْرَ.
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ الْقَرَامِطَةِ
وَفِيهَا تَحَرَّكَ بِسَوَادِ الْكُوفَةِ قَوْمٌ يُعْرَفُونَ بِالْقَرَامِطَةِ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِمْ، فِيمَا ذُكِرَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ قَدِمَ نَاحِيَةً خُوزِسْتَانَ إِلَى سَوَادِ الْكُوفَةِ، فَكَانَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ النَّهْرَيْنِ، يُظْهِرُ الزُّهْدَ، وَالتَّقَشُّفَ، وَيَسِفُّ الْخُوصَ، وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، وَيُكْثِرُ الصَّلَاةَ، فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً، فَكَانَ إِذَا قَعَدَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ذَاكَرَهُ أَمْرَ الدِّينِ، وَزَهَّدَهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَى النَّاسِ خَمْسُونَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، حَتَّى فَشَا ذَلِكَ [عَنْهُ] بِمَوْضِعِهِ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى إِمَامٍ مِنْ آلِ بَيْتِ الرَّسُولِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى اسْتَجَابَ لَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ.
وَكَانَ يَقْعُدُ إِلَى بَقَّالٍ هُنَاكَ. فَجَاءَ قَوْمٌ إِلَى الْبَقَّالِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ رَجُلًا يَحْفَظُ عَلَيْهِمْ مَا