وَصَرَفَ عَلِيًّا لِإِبْقَائِهِ عَلَى أَهْلِهَا، فَهَرَبَ النَّاسُ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَصَرَفَ الْخَبِيثُ جَيْشَهُ عَنِ الْبَصْرَةِ.
فَلَمَّا أَخْرَبَ الْبَصْرَةَ انْتَسَبَ إِلَى يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ، وَذَلِكَ لِمَصِيرِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ إِلَيْهِ، وَكَانَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتَرَكَ الِانْتِسَابَ إِلَى عِيسَى بْنِ زَيْدٍ، وَانْتَسَبَ إِلَى يَحْيَى بْنِ زَيْدٍ، قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ حَسَنٍ النَّوْفَلِيُّ: كَذَبَ ابْنُ يَحْيَى لَمْ يُعْقِبْ غَيْرَ بِنْتٍ مَاتَتْ وَهِيَ تَرْضَعُ.
ذِكْرُ مَسِيرِ الْمُولَّدِ لِحَرْبِ الزَّنْجِ
وَفِيهَا، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، أَمَرَ الْمُعْتَمِدُ أَحْمَدَ الْمُوَلَّدَ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْبَصْرَةِ لِحَرْبِ الزَّنْجِ، فَنَزَلَ الْأُبُلَّةَ، وَجَاءَ بَرِّيَّةُ فَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَسَيَّرَ الْعَلَوِيَّ إِلَى حَرْبِ الْمُوَلَّدِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ، فَسَارَ إِلَيْهِ فَقَاتَلَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ وَطَّنَ الْمُوَلَّدَ نَفْسَهُ عَلَى الْمُقَامِ، فَكَتَبَ الْعَلَوِيُّ إِلَى يَحْيَى يَأْمُرُهُ بِتَبْيِيتِ الْمَوْلَّدِ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِ الشَّذَا مَعَ أَبِي اللَّيْثِ الْأَصْفَهَانِيِّ، فَبَيَّتَهُ، وَنَهَضَ الْمُوَلَّدُ فَقَاتَلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَمِنَ الْغَدِ إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ انْهَزَمَ عَنْهُ.
وَدَخَلَ الزَّنْجُ عَسْكَرَهُ فَغَنِمُوا مَا فِيهِ، فَاتَّبَعَهُ يَحْيَى إِلَى الْجَامِدَةِ، فَأَوْقَعَ بِأَهْلِهَا، وَنَهَبَ تِلْكَ الْقُرَى جَمِيعَهَا، وَسَفَكَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الدِّمَاءِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَهْرِ مَعْقِلٍ.
ذِكْرُ قَصْدِ يَعْقُوبَ فَارِسَ، وَمَلْكِهِ بَلْخَ، وَغَيْرِهَا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ إِلَى فَارِسَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعْتَمِدُ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُوَفَّقُ بِوِلَايَةِ بَلْخَ، وَطَخَارِسْتَانَ، وَسِجِسْتَانَ، وَالسِّنْدِ، فَقَبِلَ ذَلِكَ وَعَادَ، وَسَارَ إِلَى بَلْخَ وَطَخَارِسْتَانَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَلْخَ نَزَلَ بِظَاهِرِهَا، وَخَرَّبَ نُوشَادَ، وَهِيَ أَبْنِيَةٌ كَانَ بَنَاهَا دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مَابَنْجُورَ خَارِجَ بَلْخَ.
ثُمَّ سَارَ يَعْقُوبُ مِنْ بَلْخَ إِلَى كَابُلَ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَقَبَضَ عَلَى زِنْبِيلٍ، وَأَرْسَلَ رَسُولًا إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَمَعَهُ هَدِيَّةٌ جَلِيلَةُ الْمِقْدَارِ، وَفِيهَا أَصْنَامٌ أَخَذَهَا مِنْ كَابُلَ وَتِلْكَ الْبِلَادِ،