مُوسَى بِالنَّارِ فَأُلْقِيَتْ فِيهِ، فَالْتَهَبَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ، فَجَعَلَتْ تَحْرِقُهُمْ، فَانْهَزَمُوا فَتَبِعَهُمْ مُوسَى، وَدَخَلَ قَزْوِينَ.
وَفِيهَا (فِي ذِي الْحِجَّةِ) لَقِيَ مُسَاوِرٌ الْخَارِجِيُّ عَسْكَرًا لِلْخَلِيفَةِ (مُقَدِّمُهُمْ حُطُرْمُسُ) بِنَاحِيَةِ جَلَوْلَاءَ، فَهَزَمَهُ مُسَاوِرٌ.
وَفِيهَا سَارَ جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَنْدَلُسِ إِلَى بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَافْتَتَحُوا حُصُونَ جِرْنِيقَ، وَحَاصَرُوا فَوَثَبَ وَغَلَبَ عَلَى أَكْثَرِ أَسْوَارِهَا.
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ دَوْلَةِ يَعْقُوبَ الصَّفَّارِ وَمُلْكِهِ هَرَاةَ وَبَوْشَنْجَ
وَكَانَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ وَأَخُوهُ عَمْرٌو يَعْمَلَانِ الصُّفْرَ بِسِجِسْتَانَ، وَيُظْهِرَانِ الزُّهْدَ وَالتَّقَشُّفَ. وَكَانَ فِي أَيَّامِهِمَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ سِجِسْتَانَ يُظْهِرُ التَّطَوُّعَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ، يُقَالُ لَهُ: صَالِحٌ الْمُطَّوِّعِيُّ، فَصَحِبَهُ يَعْقُوبُ، وَقَاتَلَ مَعَهُ، فَحَظِيَ عِنْدَهُ، فَجَعَلَهُ صَالِحٌ مَقَامَ الْخَلِيفَةِ عَنْهُ، ثُمَّ هَلَكَ صَالِحٌ، وَقَامَ مَقَامَهُ إِنْسَانٌ آخَرُ اسْمُهُ دِرْهَمٌ، فَصَارَ يَعْقُوبُ مَعَ دِرْهَمٍ كَمَا كَانَ مَعَ صَالِحٍ قَبْلَهُ.
ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَ خُرَاسَانَ احْتَالَ لِدِرْهَمٍ لَمَّا عَظُمَ شَأْنُهُ وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ، حَتَّى ظَفِرَ بِهِ وَحَمَلَهُ إِلَى بَغْدَادَ، فَحَبَسَهُ بِهَا، ثُمَّ أُطْلِقَ، وَخَدَمَ الْخَلِيفَةَ بِبَغْدَاذَ.
وَعَظُمَ أَمْرُ يَعْقُوبَ بَعْدَ أَخْذِ دِرْهَمٍ، وَصَارَ مُتَوَلِّيًا أَمْرَ الْمُتَطَوِّعَةِ مَكَانَ دِرْهَمٍ، وَقَامَ بِمُحَارَبَةِ الشُّرَاةِ، (فَظَفِرَ بِهِمْ) ، وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهِمْ، حَتَّى كَادَ يُفْنِيهِمْ، وَخَرَّبَ قُرَاهُمْ، وَأَطَاعَهُ أَصْحَابُهُ بِمَكْرِهِ، وَحُسْنِ حَالِهِ وَرَأْيِهِ طَاعَةً لَمْ يُطِيعُوهَا أَحَدًا كَانَ مِنْ قَبْلِهِ، وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُ، فَغَلَبَ عَلَى سِجِسْتَانَ، وَأَظْهَرَ التَّمَسُّكَ بِطَاعَةِ الْخَلِيفَةِ، وَكَاتَبَهُ، وَصَدَرَ عَنْ أَمْرِهِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ هُوَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الشُّرَاةِ، وَمَلَكَ سِجِسْتَانَ وَضَبَطَ الطُّرُقَ وَحَفِظَهَا، وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ