251 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ قَتْلِ بَاغِرَ التُّرْكِيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ بَاغِرُ التُّرْكِيُّ، قَتَلَهُ وَصِيفٌ وَبُغَا.
وَكَانَ السَّبَبُ أَنَّ بَاغِرَ كَانَ أَحَدَ قَتَلَةِ الْمُتَوَكِّلِ، فَزِيدَ فِي أَرْزَاقِهِ، فَأُقْطِعَ قَطَائِعَ، فَكَانَ مِمَّا أُقْطِعَ قُرًى بِسَوَادِ الْكُوفَةِ، فَتَضَمَّنَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَارُوسْمَا بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ مَارَمَةَ، بِوَكِيلٍ لِبَاغِرَ، وَتَنَاوَلَهُ، فَحَبَسَ ابْنَ مَارَمَةَ، وَقُيِّدَ، ثُمَّ تَخَلَّصَ، وَسَارَ إِلَى سَامَرَّا، فَلَقِيَ دَلِيلَ بْنَ يَعْقُوبٍ النَّصْرَانِيَّ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَاحِبُ أَمْرِ بُغَا الشَّرَابِيِّ وَالْحَاكِمِ فِي الدَّوْلَةِ، وَكَانَ ابْنُ مَارَمَةَ صَدِيقًا لَهُ، وَكَانَ بَاغِرُ أَحَدَ قُوَّادِ بُغَا، فَمَنَعَهُ دَلِيلٌ مِنْ ظُلْمِ أَحْمَدَ بْنَ مَارَمَةَ، فَانْتَصَفَ لَهُ مِنْهُ، فَغَضِبَ بَاغِرُ وَبَايَنَ دَلِيلًا.
وَكَانَ بَاغِرُ شُجَاعًا يَتَّقِيهِ بُغَا وَغَيْرُهُ، فَحَضَرَ عِنْدَ بُغَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ [وَمِائَتَيْنِ] وَهُوَ سَكْرَانُ، وَبُغَا فِي الْحَمَّامِ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ وَقَالَ: مَنْ قَتَلَ دَلِيلًا (يُقْتَلُ بِهِ) ، فَقَالَ لَهُ بُغَا: لَوْ أَرَدْتَ وَلَدَيَّ مَا مَنَعْتُكَ مِنْهُ، وَلَكِنِ اصْبِرْ، فَإِنَّ أُمُورَ الْخِلَافَةِ بِيَدِ دَلِيلٍ، وَأُقِيمُ غَيْرَهُ، (ثُمَّ افْعَلْ بِهِ مَا تُرِيدُ.