فَلَمَّا سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ خَبَرَ هَذِهِ الْوَقْعَةِ عَظُمَ عَلَيْهِ، فَجَهَّزَ عَسْكَرًا كَبِيرًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وَسَيَّرَهُ إِلَى مُوسَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ إِلَى بَنْبَلُونَةَ، فَأَوْقَعَ عِنْدَهَا بِجَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَقُتِلَ فِيهَا غرسية وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
ثُمَّ عَادَ مُوسَى إِلَى الْخِلَافِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَجَهَّزَ جَيْشًا كَبِيرًا وَسَيَّرَهُمْ إِلَى مُوسَى، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ طَلَبَ الْمُسَالَمَةَ، فَأُجِيبَ إِلَيْهَا، وَأَعْطَى ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ رَهِينَةً، وَوَلَّاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَدِينَةَ تُطِيلَةَ، فَسَارَ مُوسَى إِلَيْهَا فَوَصَلَهَا، وَأَخْرَجَ كُلَّ مَنْ يَخَافُهُ، وَاسْتَقَرَّ فِيهَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْطَى الْوَاثِقُ أَشْنَاسَ تَاجًا وَوِشَاحَيْنِ.
وَفِيهَا مَاتَ أَبُو تَمَّامٍ حَبِيبُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ الشَّاعِرُ.
وَفِيهَا غَلَا السِّعْرُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَ الْخُبْزُ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ، وَرَاوِيَةُ الْمَاءِ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَأَصَابَ النَّاسَ فِي الْمَوْقِفِ حَرٌّ شَدِيدٌ، ثُمَّ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِيهِ بَرْدٌ، وَاشْتَدَّ الْبَرْدُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ ذَلِكَ (الْحَرِّ) وَسَقَطَتْ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَبَلِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَقَتَلَتْ عِدَّةً مِنَ الْحُجَّاجِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ،
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ الزَّاهِدُ، وَكَانَ عُمْرُهُ إِحْدَى