193 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ
ذِكْرُ مَوْتِ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ فِي الْحَبْسِ بِالرَّقَّةِ، وَكَانَتْ عِلَّتُهُ أَنَّهُ أَصَابَهُ ثِقَلٌ فِي لِسَانِهِ وَشِقِّهِ، فَعُولِجَ أَشْهُرًا، فَبَرَأَ، وَكَانَ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ الرَّشِيدُ ; لِأَنَّ أَمْرِي قَرِيبٌ مِنْ أَمْرِهِ.
فَلَمَّا صَحَّ مِنْ عِلَّتِهِ وَتَحَدَّثَ، عَادَتْهُ الْعِلَّةُ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِ، وَانْعَقَدَ لِسَانُهُ وَطَرْفُهُ، فَمَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ إِخْوَانُهُ فِي الْقَصْرِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، ثُمَّ أُخْرِجَ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ، وَجَزِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
وَكَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ الرَّشِيدِ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الدُّنْيَا لَمْ يُرَ فِي الْعَالَمِ مِثْلُهُ، وَلِاشْتِهَارِ أَخْبَارِهِ، وَأَخْبَارِ أَهْلِهِ، وَحُسْنِ سِيرَتِهِمْ - لَمْ نَذْكُرْهَا.
وَفِيهَا مَاتَ سَعِيدٌ الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْجَوْهَرِيُّ.
وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعٍ، كَانَ الظَّفَرُ [فِيهَا] لِهَرْثَمَةَ، وَافْتَتَحَ