وَسَيَّرَ أَيْضًا جَيْشًا آخَرَ مَعَ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ إِلَى بِلَادِ الْجَلَالِقَةِ فَخَرَّبَ دَارَ مَلِكِهِمْ أَذَّفَنْشَ وَكَنَائِسَهُ، وَغَنِمَ. فَلَمَّا قَفَلَ الْمُسْلِمُونَ ضَلَّ الدَّلِيلُ بِهِمْ، فَنَالَهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَمَاتَ مِنْهُمْ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَنَفَقَتْ دَوَابُّهُمْ، وَتَلِفَتْ آلَاتُهُمْ، ثُمَّ سَلِمُوا وَعَادُوا.
ذِكْرُ فِتْنَةِ تَاكُرُنَّا
وَفِيهَا هَاجَتْ فِتْنَةُ تَاكُرُنَّا بِالْأَنْدَلُسِ، وَخَلَعَ بَرْبَرُهَا الطَّاعَةَ، وَأَظْهَرُوا الْفَسَادَ، وَأَغَارُوا عَلَى الْبِلَادِ، وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، فَسَيَّرَ هِشَامٌ إِلَيْهِمْ جُنْدًا كَثِيفًا عَلَيْهِمْ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ أَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، مَوْلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَصَدُوهَا وَتَابَعُوا قِتَالَ مَنْ فِيهَا إِلَى أَنْ أَبَادُوهُمْ قَتْلًا وَسَبْيًا، وَفَرَّ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فَدَخَلَ فِي سَائِرِ الْقَبَائِلِ، وَبَقِيَتْ كُورَةُ تَاكُرُنَّا وَجِبَالُهَا خَالِيَةً مِنَ النَّاسِ سَبْعَ سِنِينَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ زُفَرَ بْنِ عَاصِمٍ، وَغَزَا الشَّاتِيَةَ سُلَيْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، وَمَعَهُ الْبَنْدُ بِطَرِيقِ صِقِلِّيَةَ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ.
وَفِيهَا وَصَلَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى إِلَى خُرَاسَانَ، وَغَزَا مَا وَرَاءَ النَّهْرِ مِنْ بُخَارَى، فَحَضَرَ عِنْدَهُ صَاحِبُ أُشْرُوسَنَةَ، وَكَانَ مُمْتَنِعًا، وَبَنَى الْفَضْلُ بِخُرَاسَانَ الْمَسَاجِدَ وَالرِّبَاطَاتِ.