رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنْ رُجَلًا مِنْهُمْ رَفَعَ ظُلَامَتَهُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ [فِيهَا] بِوَلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: إِنَّ هَذَا نَسَبٌ مَا يُقِرُّونَ بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالِاضْطِرَارِ إِلَى التَّقَرُّبِ إِلَيْنَا.

فَقَالَ لَهُ: مَنْ جَحَدَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّا سَنُقِرُّ، وَأَنَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي وَمَعْشَرَ آلِ أَبِي بَكْرَةَ إِلَى نَسَبِنَا مِنْ وَلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَأْمُرَ بِآلِ زِيَادٍ فَيَخْرُجُوا مِنْ نَسَبِهِمُ الَّذِي أُلْحِقُوا بِهِ، وَرَغِبُوا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَيَرُدُّوا إِلَى عُبَيْدٍ فِي مَوَالِي ثَقِيفٍ ".

فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِرَدِّ آلِ أَبِي بَكْرَةَ إِلَى وَلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ فِيهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بِذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِذَلِكَ تَرَكَ مَالَهُ بِيَدِهِ، وَمَنْ أَبَاهُ اصْطَفَى مَالَهُ.

فَعَرَضَهُمْ، فَأَجَابُوا جَمِيعًا إِلَّا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا أَمَرَ بِرَدِّ نَسَبِ آلِ زِيَادٍ إِلَى عُبَيْدٍ. (وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ) .

فَكَانَ الَّذِي حَمَلَ الْمَهْدِيَّ عَلَى ذَلِكَ، مَعَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، أَنَّ رُجَلًا مِنْ آلِ زِيَادٍ قَدِمَ عَلَيْهِ يُقَالُ لَهُ الصُّغْدِيُّ بْنُ سَلْمِ بْنِ حَرْبِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: ابْنُ عَمِّكَ. فَقَالَ: أَيُّ بَنِي عَمِّي أَنْتَ؟ فَذَكَرَ نَسَبَهُ، فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: يَا ابْنَ سُمَيَّةَ الزَّانِيَةِ! مَتَّى كُنْتَ ابْنَ عَمِّي؟ وَغَضِبَ وَأَمَرَ بِهِ، فَوُجِئَ فِي عُنُقِهِ وَأُخْرِجَ.

وَسَأَلَ عَنِ اسْتِلْحَاقِ زِيَادٍ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْعَامِلِ بِالْبَصْرَةِ بِإِخْرَاجِ آلِ زِيَادٍ مِنْ دِيوَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ، وَرَدَّهُمْ إِلَى ثَقِيفٍ، وَكَتَبَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا بَالِغًا، يَذْكُرُ فِيهِ اسْتِلْحَاقَ زِيَادٍ، وَمُخَالَفَةَ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ فَأُسْقِطُوا مِنْ دِيوَانِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ رَشُّوا الْعُمَّالَ، حَتَّى رَدَّهُمْ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ.

فَقَالَ خَالِدٌ النَّجَّارُ:

إِنَّ زِيَادًا وَنَافِعًا وَأَبَا بَكْرَةَ ... عِنْدِي مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ

ذَا قُرَشِيٍّ كَمَا يَقُولُ وَذَا ... مَوْلًى وَهَذَا بِزَعْمِهِ عَرَبِي.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا مَكَانَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَثِيرِيُّ، ثُمَّ عُزِلَ وَاسْتُعْمِلَ مَكَانَهُ زُفَرُ بْنُ عَاصِمٍ الْهِلَالِيُّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015