ذِكْرُ عَزْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَزِيرَةِ، وَاسْتِعْمَالِ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ
وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَزِيرَةِ،، وَغَضِبَ عَلَيْهِ، وَغَرَّمَهُ مَالًا، فَلَمْ يَزَلْ سَاخِطًا عَلَيْهِ، حَتَّى غَضِبَ عَلَى عَمِّهِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ، فَشَفَعَ فِيهِ عُمُومَةُ الْمَنْصُورِ، وَضَيَّقُوا عَلَيْهِ، حَتَّى رَضِيَ عَنْهُ.
فَقَالَ عِيسَى بْنُ مُوسَى لِلْمَنْصُورِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرَى آلَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتْ نِعَمُكَ عَلَيْهِمْ سَابِغَةً، فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْحَسَدِ لَنَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ غَضِبْتَ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ، مُنْذُ أَيَّامٍ، فَضَيَّقُوا عَلَيْكَ حَتَّى رَضِيتَ عَنْهُ، وَأَنْتَ غَضْبَانُ عَلَى أَخِيكَ الْعَبَّاسِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَمَا كَلَّمَكَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَرَضِيَ عَنْهُ.
وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدِ اسْتَعْمَلَ الْعَبَّاسَ عَلَى الْجَزِيرَةِ بَعْدَ يَزِيدَ بْنِ أُسَيْدٍ، فَشَكَا يَزِيدُ مِنْهُ وَقَالَ: إِنَّهُ أَسَاءَ عَزْلِي، وَشَتَمَ عِرْضِي. فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: اجْمَعْ بَيْنَ إِحْسَانِي وَإِسَاءَتِهِ يَعْتَدِلَا. فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ أُسَيْدٍ: إِذَا كَانَ إِحْسَانُكُمْ جَزَاءً لِإِسَاءَتِكُمْ كَانَتْ طَاعَتُنَا تَفَضُّلًا مِنَّا عَلَيْكَمْ.
وَلَمَّا عَزَلَ الْمَنْصُورُ أَخَاهُ عَنِ الْجَزِيرَةِ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُوسَى بْنَ كَعْبٍ.
ذِكْرُ عَزْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الْكُوفَةِ، وَاسْتِعْمَالِ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ
وَفِيهَا عَزَلَ [الْمَنْصُورُ] مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْكُوفَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَمْرَو بْنَ زُهَيْرٍ الضَّبِّيَّ أَخَا الْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا عُزِلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ، وَكَانَ عَزْلُهُ لِأَسْبَابٍ بَلَغَتْهُ عَنْهُ، مِنْهَا أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَكَانَ قَدْ حَبَسَهُ عَلَى الزَّنْدَقَةِ وَهُوَ خَالُ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ الشَّيْبَانِيِّ، فَكَثُرَ شُفَعَاؤُهُ عِنْدَ الْمَنْصُورِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ إِلَّا ظَنِينٌ مِنْهُمْ، فَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بِالْكَفِّ عَنْهُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ رَأْيُهُ.
وَكَانَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيُعْطِيَهُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَلَمَّا ذُكِرَ لِمُحَمَّدٍ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَلَمَّا أَيْقَنَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ