خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، هَرَبَ بَعْدَ قَتْلِ مُحَمَّدٍ فَأَتَى الْبَصْرَةَ، فَأُخِذَ مِنْهَا وَأُتِيَ بِهِ الْمَنْصُورُ.
فَقَالَ لَهُ: هِيهِ يَا عُثْمَانُ! أَنْتَ الْخَارِجُ عَلَيَّ مَعَ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: بَايَعْتُهُ أَنَا وَأَنْتَ بِمَكَّةَ فَوَفَّيْتُ بِبَيْعَتِي، وَغَدَرْتَ بَيْعَتَكَ! قَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ! قَالَ: ذَاكَ مَنْ قَامَتْ عَنْهُ الْإِمَاءُ! يَعْنِي الْمَنْصُورَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ.
وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأُخِذَ أَسِيرًا، فَأَطْلَقَهُ الْمَنْصُورُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْطُبَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ.
ذِكْرُ صِفَةِ مُحَمَّدٍ وَالْأَخْبَارِ بِقَتْلِهِ
كَانَ مُحَمَّدٌ أَسْمَرَ شَدِيدَ السُّمْرَةِ، وَكَانَ مَنْصُورٌ يُسَمِّيهِ مُحَمَّمًا، وَكَانَ سَمِينًا شُجَاعًا كَثِيرَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، شَدِيدَ الْقُوَّةِ، وَكَانَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاعْتَرَضَ فِي حَلْقِهِ بَلْغَمٌ، فَتَنَحْنَحَ فَذَهَبَ، ثُمَّ عَادَ فَتَنَحْنَحَ فَذَهَبَ، ثُمَّ عَادَ فَتَنَحْنَحَ فَنَظَرَ، فَلَمْ يَرَ مَوْضِعًا يَبْصُقُ فِيهِ، فَرَمَى بِنُخَامَتِهِ فِي سَقْفِ الْمَسْجِدِ فَأَلْصَقَهَا فِيهِ.
وَسُئِلَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ عَنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: فِتْنَةٌ يُقْتَلُ فِيهَا مُحَمَّدٌ، وَيُقْتَلُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ بِالْعِرَاقِ، وَحَوَافِرُ فَرَسِهِ فِي مَاءٍ.
فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ قَبَضَ عِيسَى أَمْوَالَ بَنِي الْحَسَنِ كُلَّهَا وَأَمْوَالَ جَعْفَرٍ، فَلَقِيَ جَعْفَرٌ الْمَنْصُورَ فَقَالَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ قَطِيعَتِي مِنْ أَبِي زِيَادٍ. قَالَ: إِيَّايَ تُكَلِّمُ بِهَذَا؟ وَاللَّهِ لَأُزْهِقَنَّ نَفْسَكَ! قَالَ: فَلَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، قَدْ بَلَغْتُ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً وَفِيهَا مَاتَ أَبِي وَجَدِّي وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلَيَّ كَذَا وَكَذَا إِنْ رِبْتُكَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ بَقِيتُ بَعْدَكَ إِنْ رِبْتُ الَّذِي يَقُومُ بَعْدَكَ. فَرَقَّ لَهُ الْمَنْصُورُ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَطِيعَتَهُ، فَرَدَّهَا الْمَهْدِيُّ عَلَى وَلَدِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ: تَغْشَانَا سَحَابَةٌ فَإِنْ أَمْطَرَتْنَا ظَفِرْنَا، وَإِنْ تَجَاوَزَتْنَا إِلَيْهِمْ فَانْظُرْ إِلَى دَمِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَظَلَّتْنَا سَحَابَةٌ فَلَمْ