فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ إِلَّا خَيْطًا مِثْلَ الْهَبَاءِ، وَنُبِشَ قَبْرُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَوَجَدُوا فِيهِ حُطَامًا كَأَنَّهُ الرَّمَادُ، وَنُبِشَ قَبْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَوَجَدُوا جُمْجُمَتَهُ، وَكَانَ لَا يُوجَدُ فِي الْقَبْرِ [إِلَّا] الْعُضْوُ بَعْدَ الْعُضْوِ، غَيْرَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ وُجِدَ صَحِيحًا لَمْ يَبْلَ مِنْهُ إِلَّا أَرْنَبَةُ أَنْفِهِ، فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ وَصَلَبَهُ وَحَرَقَهُ وَذَرَّاهُ فِي الرِّيحِ.

وَتَتَبَّعَ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ أَوْلَادِ الْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَأَخَذَهُمْ، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا رَضِيعٌ أَوْ مَنْ هَرَبَ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، فَقَتَلَهُمْ بِنَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ، وَكَانَ فِيمَنْ قُتِلَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَالْغَمْرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ الْمَخْلُوعَ قُتِلَ مَعَهُمْ، وَاسْتَصْفَى كُلَّ شَيْءٍ لَهُمْ مِنْ مَالٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُمْ قَالَ:

بَنِي أُمَيَّةَ قَدْ أَفْنَيْتُ جَمْعَكُمُ ... فَكَيْفَ لِي مِنْكُمْ بِالْأَوَّلِ الْمَاضِي

يُطَيِّبُ النَّفْسَ أَنَّ النَّارَ تَجْمَعُكُمْ ... عُوِّضْتُمْ [مِنْ] لَظَاهَا شَرَّ مُعْتَاضِ

مُنِيتُمُ، لَا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَكُمْ ... بِلَيْثِ غَابٍ إِلَى الْأَعْدَاءِ نَهَّاضِ

إِنْ كَانَ غَيْظِي لِفَوْتٍ مِنْكُمُ ... فَلَقَدْ مُنِيتُ مِنْكُمْ بِمَا رَبِّي بِهِ رَاضِ.

وَقِيلَ: إِنَّ سُدَيْفًا أَنْشَدَ هَذَا الشِّعْرَ لِلسَّفَّاحِ، وَمَعَهُ كَانَتِ الْحَادِثَةُ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُمْ.

وَقَتَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ أَيْضًا جَمَاعَةً مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْمُوشِيَةُ الْمُرْتَفِعَةُ، وَأَمَرَ بِهِمْ فَجُرُّوا بِأَرْجُلِهِمْ، فَأُلْقُوا عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَكَلَتْهُمُ الْكِلَابُ.

فَلَمَّا رَأَى بَنُو أُمَيَّةَ ذَلِكَ اشْتَدَّ خَوْفُهُمْ، وَتَشَتَّتَ شَمْلُهُمْ، وَاخْتَفَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الِاخْتِفَاءِ، وَكَانَ مِمَّنِ اخْتَفَى مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ.

قَالَ: وَكُنْتُ لَا آتِي مَكَانًا إِلَّا عُرِفْتُ فِيهِ، فَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ، فَقَدِمْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015