الْإِمَامُ؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَتَلَهُ، وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوْصَى إِلَى أَخِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَاسْتَخْلَفَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَنَّهُ قَدِمَ الْكُوفَةَ وَمَعَهُ عَامَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَسَأَلَهُ أَبُو حُمَيْدٍ أَنْ يَنْطَلِقَ بِهِ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُ سَابِقٌ: الْمَوْعِدُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ غَدًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَرِهَ سَابِقٌ أَنْ يَدُلَّهُ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ.
فَرَجَعَ أَبُو حُمَيْدٍ إِلَى أَبِي الْجَهْمِ، فَأَخْبَرَهُ وَهُوَ فِي عَسْكَرِ أَبِي سَلَمَةَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَلْطُفَ لِلِقَائِهِمْ، فَرَجَعَ أَبُو حُمَيْدٍ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وَاعَدَ فِيهِ سَابِقًا فَلَقِيَهُ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِمْ سَأَلَ أَبُو حُمَيْدٍ مَنِ الْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ. فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ: هَذَا إِمَامُكُمْ وَخَلِيفَتُكُمْ. وَأَشَارَ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ وَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَ: مُرْنَا بِأَمْرِكَ. وَعَزَّاهُ بِإِبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ.
ثُمَّ رَجَعَ وَصَحِبَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، رَجُلٌ كَانَ يَخْدِمُ بَنِي الْعَبَّاسِ، إِلَى أَبِي الْجَهْمِ فَأَخْبَرَهُ عَنْ مَنْزِلِهِمْ، وَأَنَّ الْإِمَامَ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ يَسْأَلُهُ مِائَةَ دِينَارٍ يُعْطِيهَا الْجَمَّالَ كِرَاءَ الْجِمَالِ الَّتِي حَمَلَتْهُمْ، فَلَمْ يَبْعَثْ بِهَا إِلَيْهِمْ، فَمَشَى أَبُو الْجَهْمِ وَأَبُو حُمَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ إِلَى مُوسَى بْنِ كَعْبٍ، وَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، وَبَعَثُوا إِلَى الْإِمَامِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ.
وَاتَّفَقَ رَأْيُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْقُوَّادِ عَلَى أَنْ يَلْقَوُا الْإِمَامَ، فَمَضَى مُوسَى بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو الْجَهْمِ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَسَلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ الطَّائِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَرَاحِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَسَّامٍ، وَأَبُو حُمَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْنِ إِلَى الْإِمَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا سَلَمَةَ فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَقِيلَ: إِنَّهُمْ دَخَلُوا الْكُوفَةَ فِي حَاجَةٍ لَهُمْ، وَأَتَى الْقَوْمُ أَبَا الْعَبَّاسِ، فَقَالَ: وَأَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَارِثِيَّةِ؟ فَقَالُوا: هَذَا، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ وَعَزَّوْهُ فِي إِبْرَاهِيمَ، وَرَجَعَ مُوسَى بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو الْجَهْمِ، وَأَمَرَ أَبُو الْجَهْمِ الْبَاقِينَ فَتَخَلَّفُوا عِنْدَ الْإِمَامِ.
فَأَرْسَلَ أَبُو سَلَمَةَ إِلَى أَبِي الْجَهْمِ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ: رَكِبْتُ إِلَى إِمَامِي، فَرَكِبَ أَبُو سَلَمَةَ إِلَى الْإِمَامِ، فَأَرْسَلَ أَبُو الْجَهْمِ إِلَى أَبِي حُمَيْدٍ: إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ أَتَاكُمْ فَلَا يَدْخُلَنَّ عَلَى الْإِمَامِ إِلَّا وَحْدَهُ.
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَبُو سَلَمَةَ مَنَعُوهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ أَحَدٌ، فَدَخَلَ وَحْدَهُ فَسَلَّمَ بِالْخِلَافَةِ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو حُمَيْدٍ: عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ يَا مَاصَّ بَظْرِ أُمِّهِ! فَقَالَ لَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ: مَهْ! وَأَمَرَ أَبَا سَلَمَةَ بِالْعَوْدِ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، فَعَادَ.