وَقِيلَ: إِنَّ الضَّحَّاكَ وَالْخَيْبَرِيَّ إِنَّمَا قُتِلَا سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ.

ذِكْرُ قَتْلِ الْخَيْبَرِيِّ وَوِلَايَةِ شَيْبَانَ

وَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ أَصْبَحَ أَهْلُ عَسْكَرِهِ فَبَايَعُوا الْخَيْبَرِيَّ، وَأَقَامُوا يَوْمَئِذٍ وَغَادَوْهُ الْقِتَالَ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ، وَصَافُّوهُ وَصَافَّهُمْ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ الْخَيْبَرِيِّ، وَكَانَ قَبْلَهُ مَعَ الضَّحَّاكِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا سَبَبَ قُدُومِهِ.

وَقِيلَ: بَلْ قَدِمَ عَلَى الضَّحَّاكِ وَهُوَ بِنَصِيبِينَ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَوَالِيهِ، فَتَزَوَّجَ أُخْتَ شَيْبَانَ الْحَرُورِيِّ الَّذِي بُويِعَ بَعْدَ قَتْلِ الْخَيْبَرِيِّ، فَحَمَلَ الْخَيْبَرِيُّ عَلَى مَرْوَانَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ فَارِسٍ مِنَ الشُّرَاةِ، فَهَزَمَ مَرْوَانَ، وَهُوَ فِي الْقَلْبِ، وَخَرَجَ مَرْوَانُ مِنَ الْعَسْكَرِ مُنْهَزِمًا، وَدَخَلَ الْخَيْبَرِيُّ وَمَنْ مَعَهُ عَسْكَرَهُ يُنَادُونَ بِشِعَارِهِمْ وَيَقْتُلُونَ مَنْ أَدْرَكُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى خَيْمَةِ مَرْوَانَ نَفْسِهِ فَقَطَعُوا أَطْنَابَهَا، وَجَلَسَ الْخَيْبَرِيُّ عَلَى فَرْشِهِ. وَمَيْمَنَةُ مَرْوَانَ وَعَلَيْهَا ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ ثَابِتَةٌ، وَمَيْسَرَتُهُ ثَابِتَةٌ، وَعَلَيْهَا إِسْحَاقُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَقِيلِيُّ، فَلَمَّا رَأَى أَهْلُ الْعَسْكَرِ قِلَّةَ مَنْ مَعَ الْخَيْبَرِيِّ ثَارَ إِلَيْهِ عَبِيدُهُمْ بِعُمُدِ الْخِيَمِ فَقَتَلُوا الْخَيْبَرِيَّ وَأَصْحَابَهُ جَمِيعًا فِي خَيْمَةِ مَرْوَانَ وَحَوْلَهَا.

وَبَلَغَ مَرْوَانَ الْخَبَرُ وَقَدْ جَازَ الْعَسْكَرُ بِخَمْسَةِ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٍ مُنْهَزِمًا، فَانْصَرَفَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَرَدَّ خُيُولَهُ عَنْ مَوَاقِعِهَا وَبَاتَ لَيْلَتَهُ فِي عَسْكَرِهِ، وَانْصَرَفَ أَهْلُ عَسْكَرِ الْخَيْبَرِيِّ فَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ شَيْبَانَ وَبَايَعُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ مَرْوَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْكَرَادِيسِ، وَأَبْطَلَ الصَّفَّ مُنْذُ يَوْمِئِذٍ.

ذِكْرُ خَبَرِ أَبِي حَمْزَةَ الْخَارِجِيِّ مَعَ طَالِبِ الْحَقِّ

كَانَ اسْمُ أَبِي حَمْزَةَ الْخَارِجِيِّ الْمُخْتَارَ بْنَ عَوْفٍ الْأَزْدِيَّ السُّلَمِيَّ الْبَصْرِيَّ، وَكَانَ أَوَّلُ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ الْإِبَاضِيَّةِ، يُوَافِي كُلَّ سَنَةٍ مَكَّةَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى خِلَافِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى وَافَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَحْيَى الْمَعْرُوفَ بِطَالِبِ الْحَقِّ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَجُلُ أَسْمَعُ كَلَامًا حَسَنًا، وَأَرَاكَ تَدْعُو إِلَى حَقٍّ، فَانْطَلِقْ مَعِي فَإِنِّي رَجُلٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015