وَأَعَدَّهُ لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنْ هُوَ ظَفِرَ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ لَيُبَايِعُ لَهُ وَيُقَاتِلُ بِهِ مَرْوَانَ، فَمَاجَ النَّاسُ.
وَوَرَدَ مَرْوَانُ الشَّامَ وَظَفِرَ بِإِبْرَاهِيمَ، فَانْهَزَمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ إِلَى الْكُوفَةِ مُسْرِعًا، وَافْتَعَلَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ بِإِمْرَةِ الْكُوفَةِ، وَجَمَعَ الْيَمَانِيَّةَ وَأَعْلَمَهُمْ ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُ، وَامْتَنَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَيْهِ وَقَاتَلَهُ.
فَلَمَّا رَأَى الْأَمْرَ كَذَلِكَ خَافَ أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُهُ فَيَفْتَضِحَ وَيُقْتَلَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي أَكْرَهُ سَفْكَ الدِّمَاءِ فَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ، فَكَفُّوا. وَظَهَرَ أَمْرُ إِبْرَاهِيمَ وَهَرَبُهُ، وَوَقَعَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ أَعْطَى مُضَرَ وَرَبِيعَةَ عَطَايَا كَثِيرَةً، وَلَمْ يُعْطِ جَعْفَرَ بْنَ نَافِعِ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ الذُّهْلِيَّ وَعُثْمَانَ بْنَ الْخَيْبَرِيِّ مِنْ تَيْمِ اللَّاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ شَيْئًا، وَهُمَا مِنْ رَبِيعَةَ، فَكَانَا مُغْضَبَيْنِ، وَغَضِبَ لَهُمَا ثُمَامَةُ بْنُ حَوْشَبِ بْنِ رُوَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ بِالْحِيرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَادَوْا: يَا آلَ رَبِيعَةَ! فَاجْتَمَعَتْ رَبِيعَةُ وَتَنَمَّرُوا.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَأَرْسَلَ أَخَاهُ عَاصِمًا، فَأَتَاهُمْ وَهُمْ بِدَيْرِ هِنْدٍ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ: هَذِهِ يَدِي لَكُمْ فَاحْكُمُوا. فَاسْتَحْيَوْا وَرَجَعُوا وَعَظَّمُوا عَاصِمًا وَشَكَرُوهُ. فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْغَضْبَانِ بْنِ الْقَبْعَثْرِيِّ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَّمَهَا فِي قَوْمِهِ بَنِي هَمَّامِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ ذُهْلٍ الشَّيْبَانِيِّ، وَإِلَى ثُمَامَةَ بْنِ حَوْشَبٍ بِمِائَةِ أَلْفِ قَسَّمَهَا فِي قَوْمِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ نَافِعٍ بِمَالٍ، وَإِلَى عُثْمَانَ بْنِ الْخَيْبَرِيِّ بِمَالٍ.
فَلَمَّا رَأَتِ الشِّيعَةُ ضَعْفَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ طَمِعُوا فِيهِ وَدَعَوْا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَاجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ وَثَارُوا، وَأَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ دَارِهِ وَأَدْخَلُوهُ الْقَصْرَ، وَمَنَعُوا عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْقَصْرِ، فَلَحِقَ بِأَخِيهِ بِالْحِيرَةِ، وَجَاءَ ابْنَ مُعَاوِيَةَ الْكُوفِيُّونَ فَبَايَعُوهُ، فِيهِمْ: عُمَرُ بْنُ الْغَضْبَانِ، وَمَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَخُو خَالِدٍ، وَأَقَامَ أَيَّامًا يُبَايِعُهُ النَّاسُ، وَأَتَتْهُ الْبَيْعَةُ مِنَ الْمَدَائِنِ وَفَمِ النِّيلِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَخَرَجَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْحِيرَةِ، فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: قَدْ أَقْبَلَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ