خَدِيعَةً لَوْ كَانَتِ امْرَأَةً لَعِيبَتْ بِهَا، وَلَقِيَ الْجُنْدُ مَا لَمْ يَلْقَهُ جَيْشٌ آخَرُ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَخَافُ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْعَسْكَرِ وَحْدَهُ، وَأَكَلُوا الدَّوَابَّ وَالْجُلُودَ وَأُصُولَ الشَّجَرِ وَالْوَرَقِ، وَكُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ التُّرَابِ، وَسُلَيْمَانُ مُقِيمٌ بِدَابِقٍ، وَتَوَلَّى الشِّتَاءُ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُمِدَّهُمْ حَتَّى مَاتَ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ بَايَعَ سُلَيْمَانُ لِابْنِهِ أَيُّوبَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ، فَمَاتَ أَيُّوبُ قَبْلَ أَبِيهِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ فُتِحَتْ مَدِينَةُ الصَّقَالِبَةِ، وَكَانَتْ بُرْجَانُ قَدْ أَغَارَتْ عَلَى مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ فِي قِلَّةٍ، فَكَتَبَ إِلَى سُلَيْمَانَ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ، فَمَكَرَتْ بِهِمُ الصَّقَالِبَةُ ثُمَّ انْهَزَمُوا. وَفِيهَا غَزَا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، فَأُصِيبَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَّةَ، وَأَصَابَ الْوَلِيدُ نَاسًا مِنْ ضَوَاحِي الرُّومِ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ بَشَرًا كَثِيرًا.
ذِكْرُ فَتَحِ جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ لَمَّا قَدِمَ خُرَاسَانَ.
وَسَبَبُ غَزْوِهِمَا وَاهْتِمَامِهِ بِهِمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالشَّامِ كَانَ سُلَيْمَانُ كُلَّمَا فَتَحَ قُتَيْبَةُ فَتْحًا يَقُولُ لِيَزِيدَ: أَلَا تَرَى إِلَى مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى قُتَيْبَةَ؟ فَيَقُولُ يَزِيدُ: مَا فَعَلَتْ جُرْجَانُ (الَّتِي قَطَعَتِ الطَّرِيقَ، وَأَفْسَدَتْ قُومِسَ وَنَيْسَابُورَ وَيَقُولُ: هَذِهِ الْفُتُوحُ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، الشَّانُ هِيَ جُرْجَانُ.
فَلَمَّا وَلَّاهُ سُلَيْمَانُ خُرَاسَانَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ غَيْرُ جُرْجَانَ) ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي مِائَةِ أَلْفٍ