فَقَالَ لَهُ: هَلْ سَاءَكَ هَذَا يَا هُذَيْلُ؟ فَقَالَ: لَوْ سَاءَنِي لَسَاءَ قَوْمًا كَثِيرًا. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا أَرَدْتُ هَذَا كُلَّهُ. وَإِنَّمَا قَالَ سُلَيْمَانُ هَذَا لِلْهُذَيْلِ ; لِأَنَّهُ هُوَ وَقُتَيْبَةُ مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالرِّءُوسِ فَدُفِنَتْ، وَلَمَّا قُتِلَ قُتَيْبَةُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ قَتَلْتُمْ قُتَيْبَةَ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مِنَّا فَمَاتَ لَجَعَلْنَاهُ فِي تَابُوتٍ، فَكُنَّا نَسْتَسْقِي بِهِ وَنَسْتَفْتِحُ بِهِ إِذَا غَزَوْنَا، وَمَا صَنَعَ أَحَدٌ بِخُرَاسَانَ قَطُّ مَا صَنَعَ قُتَيْبَةُ، إِلَّا أَنَّهُ غَدَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنِ اخْتَلْهُمْ وَاقْتُلْهُمْ لِلَّهِ.

وَقَالَ الْإِصْبَهْبَذُ: قَتَلْتُمْ قُتَيْبَةَ وَيَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ وَهُمَا سَيِّدَا الْعَرَبِ. قِيلَ لَهُ أَيُّهُمَا كَانَ أَعَظَمُ عِنْدَكُمْ وَأَهْيَبُ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ قُتَيْبَةُ بِأَقْصَى جُحْرٍ فِي الْغَرْبِ مُكَبَّلًا وَيَزِيدُ مَعَنَا فِي بِلَادِنَا وَالٍ عَلَيْنَا، لَكَانَ قُتَيْبَةُ أَهْيَبَ فِي صُدُورِنَا وَأَعْظَمَ مِنْ يَزِيدَ. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي ذَلِكَ:

أَتَانِي وَرَحْلِي فِي الْمَدِينَةِ وَقْعَةٌ ... لِآلِ تَمِيمٍ أَقْعَدَتْ كُلَّ قَائِمِ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُمَانَةَ الْبَاهِلِيُّ يَرْثِي قُتَيْبَةَ:

كَأَنَّ أَبَا حَفْصٍ قُتَيْبَةَ لَمْ يَسِرْ ... بِجَيْشٍ إِلَى جَيْشٍ وَلَمْ يَعْلُ مِنْبَرَا

وَلَمْ تَخْفُقِ الرَّايَاتُ وَالْجَيْشُ حَوْلَهُ ... وُقُوفٌ وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ النَّاسُ عَسْكَرَا

دَعَتْهُ الْمَنَايَا فَاسْتَجَابَ لِرَبِّهِ ... وَرَاحَ إِلَى الْجَنَّاتِ عَفًّا مُطَهَّرَا

فَمَا رُزِئَ الْإِسْلَامُ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... بِمِثْلِ أَبِي حَفْصٍ فَبَكِّيهِ عَبْهَرَا

وَعَبْهَرُ: أَمْ وَلَدٍ لَهُ. قِيلَ: وَقَالَ شُيُوخٌ مِنْ غَسَّانَ: كُنَّا بِثَنِيَّةِ الْعُقَابِ، إِذَا نَحْنُ بَرْجُلٍ مَعَهُ عَصًا وَجِرَابٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ قَالَ: مِنْ خُرَاسَانَ. قُلْنَا: هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ خَبَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُتِلَ بِهَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَمْسِ. فَعَجِبْنَا لِقَوْلِهِ، فَلَمَّا رَأَى إِنْكَارَنَا قَالَ: أَيْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015