وَعَبْدُ الْكَرِيمِ، وَمُسْلِمٌ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ ابْنُهُ، وَقِيلَ: قُتِلَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بِقَزْوِينَ.
وَكَانَ عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ مَعَ قُتَيْبَةَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، وَنَجَا عُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ أَخُو قُتَيْبَةَ، نَجَّاهُ أَخْوَالُهُ. وَكَانَتْ أُمُّهُ الْغَبْرَاءَ بِنْتَ ضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ الْقَيْسِيَّةَ. فَلَمَّا قُتِلَ قُتَيْبَةُ صَعِدَ وَكِيعٌ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: مَثَلِي وَمَثَلُ قُتَيْبَةَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:
مَنْ يَنِكِ الْعِيرَ يَنِكْ نَيَّاكَا
أَرَادَ قُتَيْبَةُ قَتْلِي وَأَنَا قَتَّالٌ
قَدْ جَرَّبُونِي ثُمَّ جَرَّبُونِي ... مِنْ غَلْوَتَيْنِ وَمِنَ الْمِئَيْنِ
حَتَّى إِذَا شِبْتُ وَشَيَّبُونِي ... خَلَّوْا عَنَانِي وَتَنَكَّبُونِي
أَنَا أَبُو مُطَرِّفٍ! ثُمَّ قَالَ:
أَنَا ابْنُ خِنْدِفَ تَنْمِينِي قَبَائِلُهَا ... بِالصَّالِحَاتِ وَعَمِّي قَيْسُ عَيْلَانَا
ثُمَّ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ:
شَيْخٌ إِذَا حُمِّلَ مَكْرُوهَةً ... شَدَّ الشَّرَاسِيفَ لَهَا وَالْحَزِيمْ
وَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ ثُمَّ لَأَقْتُلَنَّ! وَلَأُصَلِّبَنَّ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّ! إِنَّ مَرْزُبَانَكُمْ هَذَا ابْنَ الزَّانِيَةِ قَدْ أَغْلَى أَسْعَارَكُمْ! وَاللَّهِ لَيَصِيرَنَّ الْقَفِيزُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ أَوْ لَأُصَلَّبَنَّهُ! صَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ. ثُمَّ نَزَلَ، وَطَلَبَ وَكِيعٌ رَأْسَ قُتَيْبَةَ وَخَاتَمَهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْأَزْدَ أَخَذَتْهُ. فَخَرَجَ وَكِيعٌ مُشْهِرًا وَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا أَبْرَحُ حَتَّى أُوتَى بِالرَّأْسِ، أَوْ يَذْهَبَ رَأْسِي مَعَهُ. فَقَالَ لَهُ حُضَيْنٌ: اسْكُنْ يَا أَبَا مُطَرِّفٍ فَإِنَّكَ تُؤْتَى بِهِ. وَذَهَبَ حُضَيْنٌ إِلَى الْأَزْدِ، وَهُوَ سَيِّدُهُمْ، فَأَمَرَهُمْ بِتَسْلِيمِ الرَّأْسِ إِلَى وَكِيعٍ، فَسَلَّمُوهُ إِلَيْهِ، فَسَيَّرَهُ إِلَى سُلَيْمَانَ مَعَ نَفَرٍ لَيْسَ فِيهِمْ تَمِيمِيٌّ، وَوَفَى وَكِيعٌ لَحَيَّانَ النَّبَطِيِّ بِمَا كَانَ ضَمِنَ لَهُ.
فَلَمَّا أُتِيَ سُلَيْمَانُ بِرَأْسِ قُتَيْبَةَ وَرُءُوسِ أَهْلِهِ كَانَ عِنْدَهُ الْهُذَيْلُ بْنُ زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ،