إِذَا مَا تَدَبَّرْنَا عَوَاقِبَ أَمْرِهِ ... وَجَدْنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُسَدَّدَا
سَيَغْلِبُ قَوْمًا حَارَبُوا اللَّهَ ... جَهْرَةً وَإِنْ كَايَدُوهُ كَانَ أَقْوَى وَأَكْيَدَا
كَذَاكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ كَانَ قَلْبُهُ ... مَرِيضًا وَمَنْ وَالَى النِّفَاقَ وَأَلْحَدَا
وَقَدْ تَرَكُوا الْأَهْلِينَ وَالْمَالَ خَلْفَهُمْ ... وَبِيضًا عَلَيْهِنَّ الْجَلَابِيبُ خُرَّدَا
يُنَادِيهِمُ مُسْتَعْبِرَاتٍ إِلَيْهِمُ وَيُذْرِينَ ... دَمْعًا فِي الْخُدُودِ وَإِثْمِدَا
أَنَكْثًا وَعِصْيَانًا وَغَدْرًا وَذِلَّةً ... أَهَانَ الْإِلَهُ مَنْ أَهَانَ وَأَبْعَدَا
لَقَدْ شَأَمَ الْمِصْرَيْنِ فَرْخُ مُحَمَّدٍ ... بِحَقٍّ وَمَا لَاقَى مِنَ الطَّيْرِ أَسْعَدَا
كَمَا شَأَمَ اللَّهُ النُّجَيْرَ وَأَهْلَهُ ... بِجَدٍّ لَهُ قَدْ كَانَ أَشْقَى وَأَنْكَدَا
فَقَالَ. أَهْلُ الشَّامِ: أَحْسَنَ، أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَا، لَمْ يُحْسِنْ، إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا أَرَادَ بِهَا. ثُمَّ قَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ! وَاللَّهِ لَا نَحْمِدُكَ [عَلَى هَذَا الْقَوْلِ] ، إِنَّمَا قُلْتَ تَأَسُّفَ أَنْ لَا يَكُونَ ظَهَرَ وَظَفِرَ، وَتَحْرِيضًا لِأَصْحَابِكَ عَلَيْنَا، وَلَيْسَ عَنْ هَذَا سَأَلْنَاكَ، أَنْشِدْنَا قَوْلَكَ بَيْنَ الْأَشَجِّ وَبَيْنَ قَيْسِ بَاذِخٍ، فَأَنْشَدَهُ، فَلَمَّا قَالَ: بَخٍ بَخٍ لِوَالِدِهِ وَلِلْمَوْلُودِ قَالَ الْحَجَّاجُ: وَاللَّهِ لَا تُبَخْبِخُ بَعْدَهَا أَبَدًا! فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَقَوْلُهُ: سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ الْأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ مِنْ قُوَّادِ الْعَسَاكِرِ الشَّامِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: فَرْخُ مُحَمَّدٍ، هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ. وَقَوْلُهُ: