الْعَبَّاسِ إِلَى هَرَاةَ، فَلَقُوا بِهَا الرُّقَادَ الْأَزْدِيَّ فَقَتَلُوهُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ.

وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَشْعَثِ لَمَّا انْهَزَمَ مِنْ مَسْكِنٍ أَتَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ هَرَاةَ، وَأَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ سِجِسْتَانَ، فَاجْتَمَعَ فَلُّ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَسَارَ إِلَى خُرَاسَانَ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَنَزَلَ هَرَاةَ، وَلَقُوا الرُّقَادَ فَقَتَلُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ: قَدْ كَانَ لَكَ فِي الْبِلَادِ مُتَّسَعٌ وَمَنْ هُوَ أَهْوَنُ مِنِّي شَوْكَةً، فَارْتَحِلْ إِلَى بَلَدٍ لَيْسَ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ، فَإِنِّي أَكْرَهُ قِتَالَكَ، وَإِنْ أَرَدْتَ مَالًا أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ. فَأَعَادَ الْجَوَابَ: إِنَّا مَا نَزَلْنَا لِمُحَارَبَةٍ وَلَا لِمُقَامٍ، وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نُرِيحَ ثُمَّ نَرْحَلُ عَنْكَ، وَلَيْسَتْ بِنَا إِلَى الْمَالِ حَاجَةٌ.

وَأَقْبَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ عَلَى الْجِبَايَةِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرِيحَ ثُمَّ يَرْتَحِلَ لَمْ يَجْبِ الْخَرَاجَ. فَسَارَ يَزِيدُ نَحْوَهُ وَأَعَادَ مُرَاسَلَتَهُ: إِنَّكَ قَدْ أَرَحْتَ وَسَمِنْتَ وَجَبَيْتَ الْخَرَاجَ، فَلَكَ مَا جَبَيْتَ وَزِيَادَةٌ، فَاخْرُجْ عَنِّي فَإِنِّي أَكْرَهُ قِتَالَكَ. فَأَبَى إِلَّا الْقِتَالَ، وَكَاتَبَ جُنْدَ يَزِيدَ يَسْتَمِيلُهُمْ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، فَعَلِمَ يَزِيدُ فَقَالَ: جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْعِتَابِ. ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ فَقَاتَلَهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ كَثِيرُ قِتَالٍ حَتَّى تَفَرَّقَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، وَصَبَرَ وَصَبَرَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ ثُمَّ انْهَزَمُوا، وَأَمَرَ يَزِيدُ أَصْحَابَهُ بِالْكَفِّ عَنِ اتِّبَاعِهِمْ، وَأَخَذُوا مَا كَانَ فِي عَسْكَرِهِمْ، وَأَسَرُوا مِنْهُمْ أَسْرَى، وَكَانَ مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُمَرُ بْنُ مُوسَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَالْهِلْقَامُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ، وَفَيْرُوزُ حُصَيْنٍ، وَأَبُو الْفَلْجِ مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَسَوَّارُ بْنُ مَرْوَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ الزَّهْرَانِيُّ الْأَزْدِيُّ.

وَلَحِقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِالسِّنْدِ، وَأَتَى ابْنُ سَمُرَةَ مَرْوَ، وَانْصَرَفَ يَزِيدُ إِلَى مَرْوَ، وَبَعَثَ الْأَسْرَى إِلَى الْحَجَّاجِ مَعَ سَبْرَةَ وَنَجْدَةَ، فَلَمَّا أَرَادَ تَسْيِيرَهُمْ قَالَ لَهُ أَخُوهُ حَبِيبٌ: بِأَيِّ وَجْهٍ تَنْظُرُ إِلَى الْيَمَانِيَّةِ وَقَدْ بَعَثْتَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ طَلْحَةَ؟ فَقَالَ يَزِيدُ: إِنَّهُ الْحَجَّاجُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ. قَالَ: وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَى الْعَزْلِ، وَلَا تُرْسِلْ بِهِ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أُلْزِمَ الْمُهَلَّبُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَدَّاهَا طَلْحَةُ عَنْهُ. فَأَطْلَقَهُ يَزِيدُ، وَلَمْ يُرْسِلْ يَزِيدُ أَيْضًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ فَضَالَةَ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَزْدِ، وَأَرْسَلَ الْبَاقِينَ.

فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ لِحَاجِبِهِ: إِذَا دَعَوْتُكَ بِسَيِّدِهِمْ فَأْتِنِي بِفَيْرُوزَ. وَكَانَ بِوَاسِطِ الْقَصَبِ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى مَدِينَةُ وَاسِطٍ. فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: ائْتِنِي بِسَيِّدِهِمْ. فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015