فَجَاءَ إِلَيْهِمْ أَبُو الْجَهْمِ بْنُ كِنَانَةَ فَقَالَ لَهُمُ: ادْفَعُوا رَأْسَهُ إِلَيَّ حَتَّى تَصْطَلِحُوا، فَدَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ، فَأَرْسَلَهُ مَعَهُ إِلَى سُفْيَانَ، فَسَيَّرَ سُفْيَانُ الرَّأْسَ مَعَ أَبِي الْجَهْمِ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَسَيَّرَهُ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَجَعَلَ عَطَاءَهُ فِي أَلْفَيْنِ.

ثُمَّ إِنَّ سُفْيَانَ سَارَ إِلَيْهِمْ فَأَحَاطَ بِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيهِ فَنَادَى: مَنَ قَتَلَ صَاحِبَهُ وَجَاءَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ. فَقَالَ عُبَيْدَةُ بْنُ هِلَالٍ فِي ذَلِكَ:

لَعَمْرِي لَقَدْ قَامَ الْأَصَمُّ بِخُطْبَةٍ ... لِذِي الشَّكِّ مِنْهَا فِي الصُّدُورِ غَلِيلُ

لَعَمْرِي لَئِنْ أَعْطَيْتُ سُفْيَانَ بَيْعَتِي ... وَفَارَقْتُ دِينِي إِنَّنِي لَجَهُولُ

إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مَا تَرَى بِجِيَادِنَا ... تَسَاوَكُ هَزْلَى مُخُّهُنَّ قَلِيلُ

تَعَاوَرَهَا الْقُذَّافُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ... بِقُومِسَ حَتَّى صَعْبَهُنَّ ذَلُولُ

فَإِنْ يَكُ أَفْنَاهَا الْحِصَارُ فَرُبَّمَا ... تَشَحَّطَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ قَتِيلُ

وَقَدْ كُنَّ مِمَّا إِنْ يُقَدْنَ عَلَى الْوَجَى ... لَهُنَّ بِأَبْوَابِ الْقِبَابِ صَهِيلُ

وَحَصَرَهُمْ سُفْيَانُ حَتَّى أَكَلُوا دَوَابَّهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَيْهِ فَقَاتَلُوهُ، فَقَتَلَهُمْ وَبَعَثَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَى الْحَجَّاجِ. ثُمَّ دَخَلَ سُفْيَانُ دُنْبَاوَنْدَ وَطَبَرِسْتَانَ، فَكَانَ هُنَاكَ حَتَّى عَزَلَهُ الْحَجَّاجُ قَبْلَ الْجَمَاجِمِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَانْقَرَضَتِ الْأَزَارِقَةُ بَعْدَ مَقْتَلِ قَطَرِيٍّ وَعُبَيْدَةَ، إِنَّمَا كَانُوا دُفْعَةً مُتَّصِلَةً أَهْلَ عَسْكَرٍ وَاحِدٍ، وَأَوَّلُ رُؤَسَائِهِمْ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ، وَآخِرُهُمْ قَطَرِيٌّ وَعُبَيْدَةُ، وَاتَّصَلَ أَمْرُهُمْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، إِلَّا أَنِّي أَشُكُّ فِي صُبَيْحٍ الْمَازِنِيِّ التَّمِيمِيِّ مَوْلَى سَوَّارِ بْنِ الْأَشْعَرِ الْخَارِجِ أَيَّامِ هِشَامٍ، قِيلَ: هُوَ مِنَ الْأَزَارِقَةِ أَوِ الصُّفْرِيَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ، بَلْ قُتِلَ عُقَيْبَ خُرُوجِهِ.

ذِكْرُ قَتْلِ بُكَيْرِ بْنِ وَسَّاجٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بُكَيْرَ بْنَ وَسَّاجٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015