فَأَوَّلُهُمْ، وَإِمَامُهُمْ، وَرَئِيسُهُمْ إِبْلِيسُ. وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ حَسَّنَ خَلْقَهُ، وَشَرَّفَهُ، وَمَلَّكَهُ عَلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالْأَرْضِ فِيمَا ذُكِرَ، وَجَعَلَهُ مَعَ ذَلِكَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ، فَاسْتَكْبَرَ عَلَى رَبِّهِ، وَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، وَدَعَا مَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ إِلَى عِبَادَتِهِ، فَمَسَخَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَيْطَانًا رَجِيمًا، وَشَوَّهَ خَلْقَهُ، وَسَلَبَهُ مَا كَانَ خَوَّلَهُ، وَلَعَنَهُ، وَطَرَدَهُ عَنْ سَمَاوَاتِهِ فِي الْعَاجِلِ، ثُمَّ جَعَلَ مَسْكَنَهُ، وَمَسْكَنَ أَتْبَاعِهِ فِي الْآخِرَةِ نَارَ جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَضَبِهِ، وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ.
وَنَبْدَأُ بِذِكْرِ الْأَخْبَارِ عَنِ السَّلَفِ بِمَا كَانَ اللَّهُ أَعْطَاهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَبِادِّعَائِهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَنُتْبِعُ ذَلِكَ بِذِكْرِ أَحْدَاثٍ فِي سُلْطَانِهِ وَمُلْكِهِ إِلَى حِينِ زَوَالِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَالسَّبَبِ الَّذِي بِهِ زَالَ عَنْهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ بِمَا كَانَ لِإِبْلِيسَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - مِنَ الْمُلْكِ، وَذِكْرُ الْأَحْدَاثِ فِي مُلْكِهِ
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ لَهُ مُلْكُ سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ. وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنَّ لِأَنَّهُمْ خُزَّانُ الْجَنَّةِ. وَكَانَ إِبْلِيسُ مَعَ