أَمِيرَهُمْ عُمَرَ بْنَ مُوسَى كَانَ جَرِيحًا، فَحَمَلُوهُ مَعَهُمْ، وَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا عَسْكَرَ الْخَوَارِجِ، وَحَمَلَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنَ الْمَيْمَنَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَيْسَرَةِ حَتَّى اسْتَبَاحُوا عَسْكَرَهُمْ، وَقَتَلُوا أَبَا فُدَيْكٍ، وَحَصَرُوا أَصْحَابَهُ بِالْمُشَقَّرِ، فَنَزَلُوا عَلَى الْحُكْمِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ نَحْوُ سِتَّةِ آلَافٍ وَأُسِرَ ثَمَانُمِائَةٍ، وَوَجَدُوا جَارِيَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ حُبْلَى مِنْ أَبِي فُدَيْكٍ، وَعَادُوا إِلَى الْبَصْرَةِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْبَصْرَةِ، وَوَلَّاهَا أَخَاهُ بِشْرًا، فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، فَاجْتَمَعَ لَهُ الْمِصْرَانِ الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ، فَسَارَ بِشْرٌ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الرُّومَ صَائِفَةً فَهَزَمَهُمْ، وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ عُثْمَانَ بْنِ الْوَلِيدِ بِالرُّومِ مِنْ نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَالرُّومُ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، فَهَزَمَهُمْ وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهِمْ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ الْحَجَّاجُ، وَكَانَ عَلَى مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالْيَمَامَةِ. وَكَانَ عَلَى الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ، وَقِيلَ: كَانَ عَلَى الْكُوفَةِ بِشْرٌ، وَعَلَى الْبَصْرَةِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ هِشَامُ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَعَلَى خُرَاسَانَ بُكَيْرُ بْنُ وَسَّاجٍ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِمَكَّةَ، وَدُفِنَ بِذِي طَوًى، وَقِيلَ بِفَخٍّ، وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَضَرَبَ ظَهْرَ قَدَمِهِ بِزُجِّ رُمْحٍ مَسْمُومٍ، فَمَاتَ مِنْهَا، وَعَادَهُ الْحَجَّاجُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: مَنْ فَعَلَ بِكَ هَذَا؟ قَالَ: أَنْتَ ; لِأَنَّكَ أَمَرْتَ بِحَمْلِ السِّلَاحِ فِي بَلَدٍ لَا يَحِلُّ حَمْلُهُ فِيهِ. وَكَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ غَيْرُ