الصِّبْيَانُ وَوَقَفَ هُوَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا لَكَ لَمْ تَفِرَّ مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: لَمْ أُجْرِمْ فَأَخَافَكَ، وَلَمْ تَكُنِ الطَّرِيقُ ضَيِّقَةً فَأُوَسِّعَ لَكَ.

وَقَالَ قَطَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ. قَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُفْطِرُ فِي الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَنْزِعْ (ثِيَابَهُ عَنْ ظَهْرِهِ) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَمْ يَكُنْ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْعِبَادَةِ يَعْجِزُ عَنْهُ النَّاسُ إِلَّا تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ الْبَيْتَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَطُوفُ سِبَاحَةً. قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: كَانَ أَوَّلَ مَا أَفْصَحَ بِهِ عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ صَغِيرٌ - السَّيْفُ، فَكَانَ لَا يَضَعُهُ مِنْ يَدِهِ، فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لَكَ مِنْهُ يَوْمٌ وَأَيَّامٌ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ كَعْبٌ إِلَّا وَقَدْ جَاءَ عَلَى مَا قَالَ إِلَّا قَوْلَهُ: فَتَى ثَقِيفٍ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ - يَعْنِي الْمُخْتَارَ -. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: وَلَا يَشْعُرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْحَجَّاجَ قَدْ خُبِّئَ لَهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرَّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ بَعْدَ قَتْلِهِ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا خُبَيْبٍ! إِنَّكَ كُنْتَ لَصَوَّامًا قَوَّامًا، وَلَقَدْ أَفْلَحَتْ قُرَيْشٌ إِنْ كُنْتَ شَرَّهَا.

وَكَانَ الْحَجَّاجُ قَدْ صَلَبَهُ، ثُمَّ أَلْقَاهُ فِي مَقَابِرِ الْيَهُودِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ يَسْتَحْضِرُهَا، فَلَمْ تَحْضُرْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا: لَتَأْتِيَنِّي أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ. فَلَمْ تَأْتِهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا. فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ لَهَا: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَى ابْنِي دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَنَا «أَنَّ فِي ثَقِيفٍ (كَذَّابًا وَمُبِيرًا» ، فَأَمَّا الْكَذَّابُ) فَقَدْ رَأَيْنَاهُ - تَعْنِي الْمُخْتَارَ - وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ هُوَ. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015