يَعْنِي أَوْقَعَتِ الْخَيْلُ. وَالشَّرْعَبِيَّةُ: مِنْ بِلَادِ تَغْلِبَ. وَالشَّرْعَبِيَّةُ أَيْضًا: بِبِلَادِ مَنْبِجَ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْوَقْعَةَ كَانَتْ بِبِلَادِ مَنْبِجَ، وَذَلِكَ خَطَأٌ.

يَوْمُ الْبَلِيخِ

وَاجْتَمَعَتْ تَغْلِبُ وَسَارَتْ إِلَى الْبَلِيخِ، وَهُنَاكَ عُمَيْرٌ فِي قَيْسٍ، وَالْبَلِيخُ نَهْرٌ بَيْنَ حَرَّانَ وَالرَّقَّةِ، فَالْتَقَوْا وَانْهَزَمَتْ تَغْلِبُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهَا، وَبُقِرَتْ بُطُونُ النِّسَاءِ كَمَا فَعَلُوا يَوْمَ الثَّرْثَارِ، فَقَالَ ابْنُ صَفَّارٍ:

زُرْقُ الرِّمَاحِ وَوَقْعُ كُلِّ مُهَنَّدٍ ... زَلْزَلْنَ قَلْبَكَ بِالْبَلِيخِ فَزَالَا

يَوْمُ الْحَشَّاكِ، وَمَقْتَلُ عُمَيْرِ بْنِ الْحُبَابِ السُّلَمِيِّ وَابْنِ هَوْبَرٍ التَّغْلِبِيِّ

لَمَّا رَأَتْ تَغْلِبُ إِلْحَاحَ عُمَيْرِ بْنِ الْحُبَابِ عَلَيْهَا جَمَعَتْ حَاضِرَتَهَا وَبَادِيَتَهَا، وَسَارُوا إِلَى الْحَشَّاكِ، وَهُوَ تَلٌّ قَرِيبٌ مِنَ الشَّرْعَبِيَّةِ، وَإِلَى جَنْبِهِ بِرَاقٌ، وَدَلَفَ إِلَيْهِ عُمَيْرٌ فِي قَيْسٍ وَمَعَهُ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكَلَّائِيُّ وَابْنُهُ الْهُذَيْلُ بْنُ زُفَرَ، وَعَلَى تَغْلِبَ ابْنُ هَوْبَرٍ، وَاقْتَتَلُوا عِنْدَ تَلِّ الْحَشَّاكِ أَشَدَّ قِتَالٍ وَأَبْرَحَهُ، حَتَّى جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا وَاقْتَتَلُوا مِنَ الْغَدِ إِلَى اللَّيْلِ، ثُمَّ تَحَاجَزُوا.

وَأَصْبَحَتْ تَغْلِبُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَتَعَاقَدُوا أَنْ لَا يَفِرُّوا، فَلَمَّا رَأَى عُمَيْرٌ حَدَّهُمْ، وَأَنَّ نِسَاءَهُمْ مَعَهُمْ قَالَ لِقَيْسٍ: يَا قَوْمِ، أَرَى لَكُمْ أَنْ تَنْصَرِفُوا عَنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ مُسْتَقْتِلُونَ، فَإِذَا اطْمَأَنُّوا وَصَارُوا إِلَى سَرْحِهِمْ وَجَّهْنَا إِلَى كُلِّ قَوْمٍ مِنْهُمْ مَنْ يُغِيرُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَاتِمِ بْنِ النُّعْمَانِ الْبَاهِلِيُّ: قَتَلْتَ فُرْسَانَ قَيْسٍ أَمْسِ وَأَوَّلَ أَمْسِ، ثُمَّ مُلِئَ سَحْرُكَ وَجَبُنْتَ! وَيُقَالُ: إِنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيَّ قَالَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ أَتَاهُ مُنْجِدًا، فَغَضِبُ عُمَيْرٌ وَقَالَ: كَأَنِّي بِكَ وَقَدْ حَمِسَ الْوَغَى أَوَّلُ فَارٍّ! فَنَزَلَ عُمَيْرٌ وَجَعَلَ يُقَاتِلُ رَاجِلًا وَهُوَ يَقُولُ:

أَنَا عُمَيْرٌ وَأَبُو الْمُغَلِّسْ ... قَدْ أَحْبِسُ الْقَوْمَ بِضَنْكٍ فَاحْبِسْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015