ذِكْرُ قَتْلِ ابْنِ الْمَاحُوزِ وَإِمَارَةِ قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ

لَمَّا أَمَرَ عَتَّابٌ أَصْحَابَهُ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ جَمَعَ النَّاسَ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِطَعَامٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ خَرَجَ حِينَ أَصْبَحَ، فَأَتَى الْخَوَارِجَ وَهُمْ آمِنُونَ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى أَخْرَجُوهُمْ مِنْ عَسْكَرِهِمْ، وَانْتَهَوْا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْمَاحُوزِ، فَنَزَلَ فِي عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَانْحَازَتِ الْأَزَارِقَةُ إِلَى قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ الْمَازِنِيِّ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو نَعَامَةَ، فَبَايَعُوهُ، وَأَصَابَ عَتَّابٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ عَسْكَرِهِ مَا شَاءُوا، وَجَاءَ قَطَرِيٌّ فَنَزَلَ فِي عَسْكَرِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ سَارَ عَنْ أَصْبَهَانَ وَتَرَكَهَا، وَأَتَى نَاحِيَةَ كَرْمَانَ وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، وَجَبَى الْمَالَ وَقَوِيَ. ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، ثُمَّ أَتَى إِلَى أَرْضِ الْأَهْوَازِ، فَأَقَامَ بِهَا وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عَامِلُ مُصْعَبٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَكَتَبَ إِلَى مُصْعَبٍ يُخْبِرُهُ بِالْخَوَارِجِ وَأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا الْمُهَلَّبُ. فَبَعَثَ إِلَى الْمُهَلَّبِ وَهُوَ عَلَى الْمَوْصِلِ وَالْجَزِيرَةِ فَأَمَرَهُ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ، وَبَعَثَ إِلَى الْمَوْصِلِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ، وَجَاءَ الْمُهَلَّبُ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَانْتَخَبَ النَّاسَ وَسَارَ بِهِمْ نَحْوَ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ حَتَّى الْتَقَوْا بِسُولَافَ، فَاقْتَتَلُوا بِهَا ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ أَشَدَّ قِتَالٍ رَآهُ النَّاسُ.

ذِكْرُ حِصَارِ الرَّيِّ

وَفِيهَا أَمَرَ مُصْعَبٌ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيَّ، عَامِلَهُ عَلَى أَصْبَهَانَ، بِالْمَسِيرِ إِلَى الرَّيِّ وَقِتَالِ أَهْلِهَا لِمُسَاعَدَتِهِمُ الْخَوَارِجَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ رُوَيْمٍ، وَامْتِنَاعِهِمْ مِنْ مَدِينَتِهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ عَتَّابٌ فَنَازَلَهُمْ وَقَاتَلَهُمْ وَعَلَيْهِمُ الْفَرُّخَانُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِمْ عَتَّابٌ بِالْقِتَالِ، فَفَتَحَهَا عَنْوَةً وَغَنِمَ مَا فِيهَا، وَافْتَتَحَ سَائِرَ قِلَاعِ نَوَاحِيهَا.

وَفِيهَا كَانَ بِالشَّامِ قَحْطٌ شَدِيدٌ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا مِنْ شِدَّتِهِ عَلَى الْغَزْوِ.

وَفِيهَا عَسْكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِبُطْنَانَ [حَبِيبٍ] ، وَهُوَ قَرِيبٌ [مِنْ] قِنَّسْرِينَ، وَشَتَّى بِهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ.

ذِكْرُ خَبَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ وَمَقْتَلِهِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُرِّ الْجُعْفِيُّ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ قَوْمِهِ صَلَاحًا وَفَضْلًا وَاجْتِهَادًا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ قَصَدَ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ مَعَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015