الَّذِينَ عَظَّمَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَجْرَ حِينَ انْصَرَفُوا وَرَضِيَ فِعْلَهُمْ حِينَ قُتِلُوا، أَمَا وَرَبِّ الْبَيْتِ مَا خَطَا خَاطٍ مِنْكُمْ خُطْوَةً وَلَا رَبَا رَبْوَةً إِلَّا كَانَ ثَوَابُ اللَّهِ لَهُ أَعْظَمَ مِنَ الدُّنْيَا! إِنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ (وَجَعَلَ وَجْهَهُ مَعَ أَرْوَاحِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) ، وَلَمْ يَكُنْ بِصَاحِبِكُمُ الَّذِي بِهِ تُنْصَرُونَ، إِنِّي أَنَا الْأَمِيرُ الْمَأْمُورُ، وَالْأَمِينُ الْمَأْمُونُ، وَقَاتِلُ الْجَبَّارِينَ، وَالْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَاءِ الدِّينِ، الْمُقَيَّدُ مِنَ الْأَوْتَارِ، فَأَعِدُّوا وَاسْتَعِدُّوا وَأَبْشِرُوا، أَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَالطَّلَبِ بِدَمِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَالدَّفْعِ عَنِ الضُّعَفَاءِ، وَجِهَادِ الْمُحِلِّينَ، وَالسَّلَامُ.

(وَكَانَ قَتْلُ سُلَيْمَانَ وَمَنْ مَعَهُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ) .

وَلَمَّا سَمِعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِقَتْلِ سُلَيْمَانَ وَانْهِزَامِ أَصْحَابِهِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ (قَدْ أَهْلَكَ مِنْ رُءُوسِ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُلْقِحَ فِتْنَةٍ وَرَأْسَ ضَلَالَةٍ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ، أَلَا وَإِنَّ السُّيُوفَ تَرَكْنَ رَأْسَ الْمُسَيَّبِ خَذَارِيفَ، وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ) مِنْهُمْ رَأْسَيْنِ عَظِيمَيْنِ ضَالَّيْنِ مُضِلَّيْنِ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ الْأَزْدِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَالٍ الْبَكْرِيَّ، وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ امْتِنَاعٌ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ حَيًّا، قَالَ أَعْشَى هَمْدَانَ فِي ذَلِكَ، وَهِيَ مِمَّا يُكَتَّمُ ذَلِكَ الزَّمَانَ:

أَلَمَّ خَيَالٌ مِنْكِ يَا أُمَّ غَالِبِ ... فَحُيِّيتِ عَنَّا مِنْ حَبِيبٍ مُجَانِبِ

وَمَا زِلْتُ فِي شَجْوٍ وَمَا زِلْتُ مُقْصَدًا ... لِهَمٍّ عَرَانِي مِنْ فِرَاقِكِ نَاصِبِ

فَمَا أَنَسَ لَا أَنَسَ انْفِتَالَكِ فِي الضُّحَى ... إِلَيْنَا مَعَ الْبِيضِ الْحِسَانِ الْخَرَاعِبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015