عَبَّادُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبَّادٍ التَّمِيمِيُّ، فَاتَّبَعَهُ حَتَّى لَحِقَهُ بِتَوَّجَ، فَصَفَّ لَهُ عَبَّادٌ وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بِلَالٍ فِيمَنْ مَعَهُ، فَثَبَتُوا وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَقَالَ أَبُو بِلَالٍ: هَذَا يَوْمُ جُمُعَةٍ وَهُوَ يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهَذَا وَقْتُ الْعَصْرِ فَدَعُونَا حَتَّى نُصَلِّيَ.

فَأَجَابَهُمُ ابْنُ الْأَخْضَرِ وَتَحَاجَزُوا، فَعَجَّلَ ابْنُ الْأَخْضَرِ الصَّلَاةَ، وَقِيلَ قَطَعَهَا، وَالْخَوَارِجُ يُصَلُّونَ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ مَا بَيْنَ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ حَالِهِ، فَقُتِلُوا مِنْ آخِرِهِمْ وَأُخِذَ رَأْسُ أَبِي بِلَالٍ.

وَرَجَعَ عَبَّادٌ إِلَى الْبَصْرَةِ فَرَصَدَهُ بِهَا عُبَيْدُ بْنُ هِلَالٍ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ عَبَّادٌ يُرِيدُ قَصْرَ الْإِمَارَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ ابْنًا صَغِيرًا لَهُ، فَقَالُوا لَهُ: قِفْ حَتَّى نَسْتَفْتِيَكَ.

فَوَقَفَ، فَقَالُوا: نَحْنُ إِخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ قُتِلَ أَخُونَا فَمَا تَرَى؟ قَالَ: اسْتَعْدُوا الْأَمِيرَ. قَالُوا: قَدِ اسْتَعْدَيْنَاهُ فَلَمْ يُعْدِنَا. قَالَ: فَاقْتُلُوهُ قَتَلَهُ اللَّهُ! فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وَحَكَّمُوا بِهِ فَأَلْقَى ابْنَهُ فَنَجَا وَقُتِلَ هُوَ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى الْخَوَارِجِ فَقُتِلُوا غَيْرَ عُبَيْدَةَ.

وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ عَبَّادٍ كَانَ ابْنُ زِيَادٍ بِالْكُوفَةِ وَنَائِبُهُ بِالْبَصْرَةِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَتَّبِعَ الْخَوَارِجَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَجَعَلَ يَأْخُذُهُمْ، فَإِذَا شُفِّعَ فِي أَحَدِهِمْ ضَمِنَهُ إِلَى أَنْ يَقْدَمَ ابْنُ زِيَادٍ، وَمَنْ لَمْ يَكْفُلْهُ أَحَدٌ حَبَسَهُ، وَأُتِيَ بِعُرْوَةَ بْنِ أُدَيَّةَ فَأَطْلَقَهُ وَقَالَ: أَنَا كَفِيلُكَ.

فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ زِيَادٍ أَخَذَ مَنْ فِي الْحَبْسِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَقَتَلَهُمْ وَطَلَبَ الْكُفَلَاءِ بِمَنْ كُفِّلُوا بِهِ فَمَنْ أَتَى بِخَارِجِيٍّ أَطْلَقَهُ وَقَتَلَ الْخَارِجِيَّ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِالْخَارِجِيِّ قَتَلَهُ، ثُمَّ طَلَبَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ بِعُرْوَةَ بْنِ أُدَيَّةَ، قَالَ: لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: إِذَنْ أَقْتُلَكَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْحَثُ عَنْهُ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ وَأَحْضَرَهُ عِنْدَ ابْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ: لَأُمَثِّلَنَّ بِكَ. فَقَالَ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ مِنَ الْقِصَاصِ مَا شِئْتَ بِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِّعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَصَلَبَهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ قُتِلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.

ذِكْرُ وِلَايَةِ سَلْمِ بْنِ زِيَادٍ عَلَى خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ

قِيلَ: فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ يَزِيدُ سَلْمَ بْنَ زِيَادٍ عَلَى خُرَاسَانَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015