حِلٍّ.

قَالَ: فَأَقْبَلْتُ إِلَى فَرَسِي، وَكُنْتُ قَدْ تَرَكْتُهُ فِي خِبَاءٍ حَيْثُ رَأَيْتُ خَيْلَ أَصْحَابِنَا تُعْقَرُ، وَقَاتَلْتُ رَاجِلًا وَقَتَلْتُ رَجُلَيْنِ وَقَطَعْتُ يَدَ آخَرَ، وَدَعَا إِلَى الْحُسَيْنِ مِرَارًا، قَالَ: وَاسْتَخْرَجْتُ فَرَسِي وَاسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ وَحَمَلْتُ عَلَى عَرْضِ الْقَوْمِ فَأَفْرَجُوا لِي وَتَبِعَنِي مِنْهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَفُتُّهُمْ وَسَلِمْتُ.

وَجَثَا أَبُو الشَّعْثَاءِ الْكِنْدِيُّ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ، فَرَمَى بِمِائَةِ سَهْمٍ مَا سَقَطَ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَكُلَّمَا رَمَى يَقُولُ لَهُ الْحُسَيْنُ: اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَهُ وَاجْعَلْ ثَوَابَهُ الْجَنَّةَ! وَكَانَ يَزِيدُ هَذَا فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، فَلَمَّا رَدُّوا الشُّرُوطَ عَلَى الْحُسَيْنِ عَدَلَ إِلَيْهِ فَقَاتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ.

وَأَمَّا الصَّيْدَاوِيُّ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ وَجَبَّارُ بْنُ الْحَارِثِ السَّلْمَانِيُّ وَسَعْدٌ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ وَمُجَمَّعُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَائِذِيُّ فَإِنَّهُمْ قَاتَلُوا أَوَّلَ الْقِتَالِ، فَلَمَّا وَغَلُوا فِيهِمْ عَطَفُوا إِلَيْهِمْ فَقَطَعُوهُمْ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، فَحَمَلَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ فَاسْتَنْقَذَهُمْ وَقَدْ جُرِحُوا، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ عَدُوُّهُمْ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ فَقَاتَلُوا فَقُتِلُوا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ.

وَكَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ سُوِيدُ بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ الْخَثْعَمِيُّ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آلِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ يَوْمَئِذٍ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ ابْنُ الْحُسَيْنِ، وَأُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي مُرَّةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَمَلَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ:

أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ ... نَحْنُ وَرَبِّ الْبَيْتِ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ

تَاللَّهِ لَا يَحْكُمُ فِينَا ابْنُ الدَّعِيِّ

فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَحَمَلَ عَلَيْهِ مُرَّةُ بْنُ مُنْقِذٍ الْعَبْدِيُّ فَطَعَنَهُ فَصُرِعَ وَقَطَّعَهُ النَّاسُ بِسُيُوفِهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْحُسَيْنُ قَالَ: قَتَلَ اللَّهُ قَوْمًا قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ! مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ: عَلَى الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفَاءُ.

وَأَقْبَلَ الْحُسَيْنُ إِلَيْهِ وَمَعَهُ فِتْيَانُهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015