بِقَتْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَمَنَعَتْهُ عَشِيرَتُهُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَثَبُوا عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ. وَبَقِيَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ بَعْدَ أَخْذِ عُثْمَانَ بِالْبَصْرَةِ وَمَعَهُمَا بَيْتُ الْمَالِ وَالْحَرَسُ وَالنَّاسُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا اسْتَتَرَ.

وَبَلَغَ حُكَيْمَ بْنَ جَبَلَةَ مَا صُنِعَ بِعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَالَ: لَسْتُ أَخَافُ اللَّهَ إِنْ لَمْ أَنْصُرْهُ! فَجَاءَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ رَبِيعَةَ، وَتَوَجَّهَ نَحْوَ دَارِ الرِّزْقِ، وَبِهَا طَعَامٌ أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يُرْزَقَهُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: مَا لَكَ يَا حُكَيْمُ؟ قَالَ: نُرِيدُ أَنَّ نَرْتَزِقَ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ وَأَنْ تُخَلُّوا عُثْمَانَ، فَيُقِيمَ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ عَلَى مَا كَتَبْتُمْ بَيْنَكُمْ حَتَّى يَقَدَمَ عَلِيٌّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَجِدُ أَعْوَانًا عَلَيْكُمْ مَا رَضِيَتُ بِهَذِهِ مِنْكُمْ حَتَّى أَقْتُلَكُمْ بِمَنْ قَتَلْتُمْ، وَلَقَدْ أَصْبَحْتُمْ وَإِنَّ دِمَاءَكُمْ لَنَا لَحَلَالٌ بِمَنْ قَتَلْتُمْ، أَمَا تَخَافُونَ اللَّهَ؟ بِمَ تَسْتَحِلُّونَ الدَّمَ الْحَرَامَ؟ قَالَ: بِدَمِ عُثْمَانَ. قَالَ: فَالَّذِينَ قَتَلْتُمْ هُمْ قَتَلُوا عُثْمَانَ؟ ! أَمَا تَخَافُونَ مَقْتَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لَا نَرْزُقُكُمْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ وَلَا نُخَلِّي سَبِيلَ عُثْمَانَ حَتَّى تَخْلَعَ عَلِيًّا. فَقَالَ حُكَيْمٌ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ حَكَمٌ عَدْلٌ فَاشْهَدْ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَسْتُ فِي شَكٍّ مِنْ قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَمَنْ كَانَ فِي شَكٍّ فَلْيَنْصَرِفْ. وَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَهُمْ. فَقَالَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَمَعَ لَنَا ثَأْرَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، اللَّهُمَّ لَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا! فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا وَمَعَ حُكَيْمٍ أَرْبَعَةُ قُوَّادٍ، فَكَانَ حُكَيْمٌ بِحِيَالِ طَلْحَةَ، وَذُرَيْحٌ بِحِيَالِ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ الْمُحْتَرِشِ بِحِيَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ، وَحُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ بِحِيَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ هِشَامٍ، فَزَحْفَ طَلْحَةُ لِحُكَيْمٍ وَهُوَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ، وَجَعَلَ حُكَيْمٌ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَيَقُولُ:

أَضْرِبُهُمْ بِالْيَابِسِ ضَرْبَ غُلَامٍ عَابِسِ ... مِنَ الْحَيَاةِ آيِسِ فِي الْغُرُفَاتِ نَافَسِ

فَضَرَبَ رَجُلٌ رِجْلَهُ فَقَطَعَهَا، (فَحَبَا حَتَّى) أَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا صَاحِبَهُ فَصَرَعَهُ وَأَتَاهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهِ وَقَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015