فصل:

ويصح الخلع منجزا بلفظ المعاوضة، لما فيه من المعاوضة، ومعلقا على شرط، لما فيه من الطلاق. فأما المنجز بلفظ المعاوضة، فهو أن يوقع الفرقة بعوض، فيقول: خلعتك بألف، أو طلقتك بألف، أو أنت طالق بألف، فتقول: قبلت، كما يقول: بعتك هذا الثوب بألف، فتقول: قبلت. هذا قول القاضي، وقياس قول أحمد: إنه يقع الطلاق رجعيا، ولا شيء له؛ لأنه أوقع الطلاق الذي يملكه، ولم يعلقه بشرط، وجعل عليها عوضا لم تبذله ولم ترض به، فلم يلزمها. فأما المعاوضة الصحيحة، فمثل أن تقول المرأة: اخلعني بألف، أو طلقني بألف، أو على ألف، أو وعلي ألف، فيقول: طلقتك، كما تقول: بعني هذا الثوب بألف، فيقول: بعتك. ولا يحتاج إلى ذكر إعادة الألف في الجواب؛ لأن الإطلاق يرجع إليه، كما يرجع في البيع. ولا يصح الجواب في هذا إلا على الفور. ويجوز للرجل الرجوع في الإيجاب قبل القبول، وللمرأة الرجوع في السؤال قبل الجواب، كما يجوز في البيع. وأما المعلق فيجوز أن يعلق الطلاق على دفع مال، أو ضمانه، فيقول: إن أعطيتني ألفا، أو إذا أعطيتني ألفا، أو متى أعطيتني ألفا، أو متى ضمنت لي ألفا، فأنت طالق، فمتى ضمنتها له، أو أعطته ألفا، طلقت، سواء كان على الفور أو التراخي؛ لأنه تعليق للطلاق على شرط، فوقع بوجود الشرط، كما لو عري عن ذكر العوض. ويكفي في العطية أن يحضر المال، ويأذن في قبضه، أخذ أو لم يأخذ؛ لأن اسم العطية يقع عليه. يقال: أعطيته فلم يأخذ. فإن أعطته بعض الألف، لم تطلق؛ لأنه لم يوجد الشرط. وإن قالت: طلقني بألف، فقال: أنت طالق بألف إن شئت، لم تطلق حتى تشاء؛ لأنه علق على المشيئة، فلم يقع إلا بها، وسواء شاءت على الفور، أو التراخي، نص عليه؛ لأنه جعل المشيئة شرطا، فأشبه تعليقه على دخول الدار.

فصل:

فإذا قال: أنت طالق وعليك ألف، طلقت رجعية، ولا شيء له؛ لأنه لم يجعل الألف عوضا للطلقة، ولا شرطا فيها، إنما عطفه على الطلاق الذي يملك إيقاعه، فوقع ما يملكه دون ما لا يملكه. وإن قال: أنت طالق على ألف، أو على أن عليك ألفا، فعن أحمد: فيها مثل ذلك؛ لأن ((على)) ليست حرف شرط، ولا مقابلة، لهذا لا يصح أن تقول: بعتك ثوبي على ألف. وقال القاضي: لا يقع الطلاق بها حتى تقبل ذلك؛ لأنها أجريت مجرى الشرط والجزاء، بدليل قَوْله تَعَالَى في قصة شعيب: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] . وقَوْله تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015