ولأن الليل للسكن والإيواء، والنهار للمعاش والانتشار، إلا من معاشه بالليل، كالحارس، فعماد قسمه النهار؛ لأن نهاره كليل غيره. وإذا قسم للمرأة ليلة، كان لها ما يليها من النهار تبعا لليل، بدليل ما روي «أن سودة وهبت يومها لعائشة» . متفق عليه. «وقالت عائشة: قبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بيتي وفي يومي» ، والأولى أن يقسم بين زوجاته ليلة وليلة، اقتداء برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ولأنه أقرب إلى التسوية في إيفاء الحقوق. فإذا زاد على ذلك، لم يجز إلا برضاهن؛ لأنه إذا بات عند واحدة، تعينت الليلة الثانية للأخرى، فلم يجز أن يبيتها عند غيرها بغير رضاها. فإن اتفق الجميع على القسم أكثر من ذلك أو أقل، جاز؛ لأن الحق لا يخرج عنهن. وقال القاضي: له أن يقسم ليلتين ليلتين، وثلاثا ثلاثا؛ لأنه يسير، ولا تجوز الزيادة عليه إلا برضاهن. فإن قسم لإحداهما، ثم طلق الأخرى قبل قسمها، أثم؛ لأنه فوت حقها الواجب لها، فإن عادت بعد ذلك إليه، لزمه أن يقضي لها؛ لأنه قدر على إيفائه بعد العجز عنه، فلزمه، كالدين إذا أعسر به ثم أيسر. وإن نشزت إحداهن في ليلتها، وأغلقت بابها دونه، أو ادعت طلاقه، سقط حقها من القسم. فإن طاوعت، استأنف القسم بينهما، ولم يقض لها؛ لأنها أسقطت حق نفسها.

فصل:

والأولى أن يطوف على نسائه في منازلهن، اقتداء برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ولأنه أحسن في العشرة وأصون لهن. وله أن يقيم في موضع واحد، ويستدعي واحدة واحدة، وله أن يأتي واحدة ويستدعي واحدة؛ لأن المرأة تابعة للزوج في المكان، ولذلك ملك نقلها إلى حيث شاء. وإن حبس في موضع يمكن حضورها معه، وهو مسكن مثلها، فهي على حقها من القسم. وإن لم يكن مسكن مثلها، لم يلزمها إجابته؛ لأن عليها ضررا. وإن كانت له امرأتان في بلدين، فعليه العدل بينهما؛ لأنه حق لهما، فلا يسقط بتباعدهما، كالنفقة. فإن امتنعت إحداهما من النقلة بعد طلبه لها، سقط حقها. وإن أقام في بلد إحداهما، ولم يقم معها في المنزل، لم يلزمه القضاء؛ لأنه لم يقسم لها، وإن أقام عندها، لزمه القضاء للأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015